يمكننا التعرف على الفن الإسلامي بوجه عام من خلال تلك التصاميم الزخرفية والهندسية والفنية التطبيقية التي نشأت وتطورت وسادت في جميع المناطق والبلدان التي دخلها الإسلام وحكمها المسلمون، والممتدة - في القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأوروبا- من شبه القارة الهندية والمحيط الهندي وتخوم الصين شرقا إلى الأندلس والمحيط الأطلسي غربا، وكان مولد هذا الفن في القرنين السابع والثامن الميلاديين (ق1و2هـ) معتمدا على فنون الحضارات السابقة وعلى رأسها الساسانية والبيزنطية والهلينستية، ثم نما وبلغ درجة الإبداع ونضجت شخصيته الإسلامية ووضحت مميزاته وخصائصه المميزة والفريدة خلال القرون الثامن والتاسع والعاشر الميلادية (ق2و3و4هـ)، ثم ترعرع وبلغ عنفوانه خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين (ق7و8هـ)، ثم دب إليه الضعف والهرم منذ القرن الثامن عشر الميلادي (ق11هـ) بعد أن تأثر الفنانون والصناع في ديار الإسلام بمنتجات الفنون الأوربية خلال عصر نهضتها.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فحينما كنت أعدّ حلقة إذاعية في تفسير بعض الآيات الكريمات من سورة المائدة، وكان منها قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100]. لفت نظري كثرة تكرر كلمتي الطيب والخبيث ومشتقاتهما في القرآن الكريم والسنة النبوية، وأنهما تأتيان عامّتين مطلقتين في مواضع كثيرة، في الماديات المحسوسات وفي المعنويات المدركات بالعقل بالنفس، وتأتيان أوصافاً لأمور كثيرة، مادية ومعنوية أيضاً.
فعنّ لي أن يكون كثرة وورودهما وتنوّعه دالاًّ على ميزان ومعايير تضبط دلالاتهما، ليسير عليها المسلمون في حياتهما.
فرأيت أن أخصص جزءً من الحلقة الإذاعية لهذه القضية، ثم رأيت أن أكتب هذه مقالة فيها.
فما دلالات كلمتي (الطيب والخبيث) وما إليهما، في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؟ وهل هناك روابط تجمعها؟ ثم ما الميزان الذي يضبط لنا هذه الدلالات للعمل بمقتضاها؟
كثيرٌ من الناس يخدعهم الاسم. فحينما يقال إنّ فلانا ينتمي إلى المدرسة الرومانسية أو تأثر بالاتجاه الرومانسي في الأدب، يظنّه البعض كاتبا متخصصا حصرًا في قصص الحب والغراميات. وكم تكون صدمتهم عظيمة حين يعلمون أنّ أتباع المدرسة الرومانسية هم ثُوَّار الأدب! الرومانسيون (أو الابتداعيون كما يسميهم البعض) تحرّكهم الفردية، والذاتية، والخيال، والوجدان. الرومانسيون نادرا ما يعبؤون بالشكل التقليدي للصنف الأدبي الذي يكتبونه، بل يميلون للتجريب والخروج عن القاعدة، فهذا جزء من تكوينهم الثوري. الرومانسيون حالمون، توّاقون للماضي، على صراع دائم مع المجتمع، ببساطة لأن المجتمع يسعى لتقويض أهم ما يميزهم: الذاتية. هم قوم يأبون أن يكونوا نُسخا من القطيع. ونظرا لطبيعتهم الحالمة والمشبعة بالوجدان، نجد الطبيعةَ تعني لهم الكثير، لكن بطريقة مختلفة عن السائد. فالأديب الكلاسيكي (المدرسة الإتباعية) يتعزل بالطبيعة وروعتها، بينما نجد الأديب الرومانسي يؤنسن الطبيعة. ومن المفارقات أنه رغم طبيعة الرومانسيين الحالمة التي تخدع الناس فيظنون أنهم قوم مسالمون، نجدهم في صراع مع المجتمع، وتعتريهم نزعات ثورية ساخطة، مشبعة بالعاطفة المضطربة أحيانا!
يوم "فالنتاين" مناسبة تعامل الزهور بطقسية قطيعية باعتبارها أفضل تعبير عن الرومانسية. لن نغوص في الأسباب التاريخية والنفسية التي جعلت البشر يرون أن الزهور لها هذه القوة التعبيرية، بل فلنرَ كيف يرى اثنين من الأدباء الذين طالتهم النزعة الرومانسية، كيف يرون هذا الأمر، أي قطفَ الزهور وإهداءها.
أهداني بعض الأفاضل مجموعة من الكتب، لأنه انتقل إلى بيت جديد، أسأل الله أن يجعله منزلا مباركاً له ولعائلته، فقبلتها مشكوراً ولما أحضرتها للمنزل كانت زوجتي مريضة فلم تستطع الحديث عنها، مع اعتراضها على اقتنائي الكتب وخوضنا في جدل عميق عقيم منذ أن تزوجنا، إذ للكتب مكانة في نفسي ومكان في منزلي صغر أو كبر، وفي كل مرة ننتقل إلى بيت جديد تتقلص مساحة المكتبة حتى حبست ما تبقى لدي من كتب في خزانة متر ونصف بمترين تقريباً، وأفسحت المجال مع الكتب لأغراض أخرى بحجة أن الخزانة تحتوي على أشياء كثيرة، وليست للكتب فقط.
مقدمة:
إن علم اللسانيات علم حديث أخذ يشق طريقة في مطلع القرن الماضي بين زحمة العلوم الإنسانية حتى كاد أن يكون في طليعتها وما ذاك إلا لأن موضوعه اللغة, هي ظاهرة فكرية تتصل بالبشر اتصالا وثيقا في كل زمان ومكان بل هي إحدى خصائصهم, وهي التي تميزهم عن غيرهم من المخلوقات, قد نظر هذا القلم إليها نظرات تختلف عما ألفه الناس من أمرها إذ عدها ظاهرة طبيعية تخضع إليه الظواهر الطبيعية الأخرى من اختيار علمي ورأى أن الإشارة اللسانية لا ترتبط بينها وبين ما تشير إليه أي رابط, بل هي تجمع الفكرة أو المفهوم الذهني والتعبير الصوتي عنه, كما أن علاقة الدال بالمدلول إنما هي العلاقة اعتباطية إصلاحية عرفية وضعت باتفاق أفراد أمة ما يستعملون اللغة أداة للتواصل والتفاهم الاجتماعي.
قال أحد أقطاب هذا العلم: إنها مجموعة من العلاقات تحكمها مجموعة من العلاقات وأن معنى الكلام بلغة ما ليس حاصلا من اجتماع معني المفردات فحسب بل يحصل أيضا أن النمط الذي تنتظم فيه هذه المفردات في الجملة اللغوية حسب قواعد محددة إلى غير ذلك من النظريات والأقوال.
وما أتي يد هذا العلم الجديد لم يكن موضع تسليم مطلق من قبل علماء اللغة إذ لم تزل نظرياته موضع نقاش ودراسة, بل إن " تمشوسكي" وهو أحد أقطاب هذا العلم عدل بعضا من أرائه اللغوية مع هذا فإن علم اللسانيات لم يقل ما يريد قوله, ولم يصل بعد إلى ما يبغي الوصول إليه فإنه لفت الأنظار إليه ورأى فيه بعض الباحثين واللغويين جدة وشمولية كمستحقات الاهتمام, فانطلقوا يشيدون بمنجزاته ويهتمون بنظرياته ويعتقدون المؤتمرات والدورات والندوات للتعريف بهذا العلم الحديث وإطلاع من جهة أمر اللغة على ماجد من شؤونه وما سار من خطوات في سبيل الوصول إلى غايته المنشودة.
أتأسى صديقي وتنسى الرفاقَ ؟
أقلبكَ قاسٍ لتنعى الوفاقَ ؟
فرفقا بقومٍ اذا أشتدّ أمرُ
فأنت الوفيّ وصدركَ بحرُ
أتثأر منّا لأجل الرعاةٍ ؟!
الصفحة 23 من 433