يمكن اعتبار حماية المنافسة الأساس المنطقي الأول لتدخل الإدارة الحكومية في اقتصاد السوق للحفاظ على استقراره ونموه في الدول المتقدمة؛ ذلك أن حماية المنافسة تؤدي إلى حرية دخول منتجين جدد إلى السوق؛ بما يؤدي إلى زيادة الإنتاج كما وجودة أي زيادة العرض وانخفاض الأسعار، كما تسهم حماية المنافسة في زيادة التشغيل ؛ وبالتالي زيادة القوة الشرائية للأفراد أي زيادة الطلب ؛ بما يسهم في دوران عجلة الاقتصاد القومي من حيث الإنتاج والتشغيل وفي استقرار وازدهار اقتصاد السوق.
وفي الدول المتقدمة، يكمن دور الإدارة الحكومية في حماية المنافسة وتوفير الضمانات لعدالة الممارسات التجارية والتصدي لممارسات الاحتكار والإغراق لتحقيق عدالة الممارسات التجارية بين المنشآت بعضها البعض وبين تلك المنشآت والمستهلكين، فيتركز دور الحكومة في منع قوى معينة من التحكم في السوق وإقصاء المنافسين الآخرين والسيطرة على الأسعار.
عرفة
"الحج عرفة". عَرَفَة ذروة سنام الحج. هنا التصاعد، والترقّي، والتسامي.
هذا زمان العتق ومكانه. جاء في الحديث: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة"، والعتق هنا يتلاءم مع رحلة إعادة ولادة الروح، هي ستُولد روحا مُعتَقة من ماضيها، وستولد أيضا روحا قادرة أكثر من ذي قبل على الانعتاق من إغراء الذنوب. إنّها ليست روحا وليدة وحسب، بل نسخة مطوّرة تلقت التطعيمات اللازمة، تطعيمات لا تحميها من الذنوب المستقبلية بالمطلق –فهذه ليست مهمتها- لكنها تخفف من وطأتها. نعم، سيذنب الحجيج بعد الحج، لكن عتق من كُتب الله لهم العتق منهم يقضي بأن الذنوب ستكون أقليّة في أعمالهم.
عرفة، عرفات. تفاسير أصل الاسم كثيرة، منهم من قال إنّه مكان يتعارف فيه الناس أي يقيمون، فسمي عرفة. ومنهم من يقول إنّه المكان الذي التقى فيه آدم حواء بعد أن هبطا من الجنة، فعرفا بعضيهما. ومنهم من يقول إن جبريل طاف بإبراهيم وكان يريه المشاهد فيقول له: "أَعَرَفْتَ؟ أَعَرَفْتَ؟"، فيرد إبراهيم: "عَرَفْتُ، عَرَفْتُ"، فسميّ عرفة.
حذيفة بن حِسْل - ويقال حُسيل - بن جابر بن عمرو بن ربيعة العبسي، كان أبوه حِسل قد أصاب دما، فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان لكونه حالف اليمانية وهم الأنصار.
عاش والد سيدنا حذيفة في المدينة، فلما بعث الرسول صلى الله عليه وسلم كان حذيفة يتوق إلى رؤيته، فما إن التقى به حتى سأله أمهاجر أنت أم أنصاري؟
لكون حذيفة مكي الأصل مدني النشأة قال: بل أنصاري يا رسول الله، فضل أن يكون مع الأنصار.
في معركة أُحد في العام الثالث من الهجرة، قُتل والد سيدنا حذيفة بالخطأ بسيوف المسلمين، وكان أبوه مسلما، رأى حذيفة أباه يهوي صريعا على الأرض بعدما اختلطت السيوف بجسده، ما أن رآه حتى نادى بأعلى صوته، أبي أبي...
مات أبوه في المعركة بسيوف صديقة، وهذا وارد في أي معركة حربية.
احتسب سيدنا حذيفة أباه، وقال "يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين".
نظرة الإنسان الغربي إلى الحياة نظرة غايتها الرفاهية، المتمثلة في الاستمتاع بالأكل والشرب والجنس واللهو فقط، وتسخير العلم والطبيعية وكل الوسائل المتاحة لتحقيق هذا الغرض، في غياب إدراك غايات الإنسان الحقيقية المتعلقة بمعرفة سبب وجوده ومبدئه ومنتهاه؛ مما يسبب في هلاك الحرث والنسل والبيئة، وخراب البلدان ونهب ثروات الشعوب وإبادتهم عن طريق الحروب أو المجاعات المترتبة عنها، وكل ذلك من أجل أن يحقق الإنسان الغربي هذه الرفاهية ويعيش حياة الترف.
وحتى قيم العدل والمساواة والنظام وتطبيق القانون الموجودة في بلاد الغرب؛ إنما هي تطبيقات منحصرة داخل جماعاتهم، وقد أملتها عليهم ضرورة العيش لتحقيق الرفاهية المتمثلة في الاستمتاع بالأكل والشرب والجنس واللهو فقط؛ ولو على حساب مقدرات الشعوب الأخرى وحقهم في الحياة، فتطبيق بعض الفضائل داخل مجتمع وجعلها ضمانة لاستمرار الرفاهية مع فعل الشرور في حق مجتمعات أخرى ونهب خيراتها؛ لا يعني أن ذلك المجتمع مجتمع فاضل، بل يعني أن تلك الفضائل فضائل نفعية قائمة على تحقيق المصلحة والمنفعة الآنية لأفراده، فهي هدنة وسياسة داخلية يقوم بها الأفراد في المجتمعات الغربية ليتحقق لهم الاستمتاع بالحياة على الوجه الأكمل، حتى إذا خرجوا من حدود بلدانهم أنكروا ما تعارفوا عليه داخل بلدانهم من عدل ومساواة ونظام وتطبيق القانون؛ فيستعبدون الشعوب الأخرى استعبادا وينهبون خيراتهم، فنظرتهم الفلسفية للحياة نظرة برغماتية قائمة على المنافع والمصالح الفردية وتحقيق الرفاهية والترف، وهي خاضعة إلى السياسة أكبر من خضوعها إلى المنطق والفلسفة.
خروج وعروج
إيهِ يا ابن بطوطة! هذه الرحلة صنعتك الرحالة الذي نعرف. وماذا عنا نحن، كيف ستصنعنا هذه الرحلة؟ كيف ستغير حياتنا؟
هذه رحلة تحديد المصير، رحلة رسم المستقبل، رحلة الاكتمال، رحلة تشييد الركن الخامس. من الآن وصاعدا لا يجوز أن نعيش في ظل الهيكل القديم، هناك ركن جديد في بناء أرواحنا، ركن جديد يتكئ عليه إيماننا، يتقوّى به.
نحن الذين تقف الجغرافيا في صفنا، وتفتح المطارات أذرعتها لنا. هل وقفنا ونظرنا للحجاج الذين بجانبنا؟ تأمّلنا، تخيّلنا أولئك الذين ينتظرون القرعة؟ شعور أشقّ من انتظار نتائج الثانوية. شعور القلق، شعور الترقب. القُرعة، الصدفة، العشواء المنتظرة. لا شيء عشوائي وإن بدا ذلك، هي أقدار تتزيا بزي الصدفة. هي مكتوبات تبدو عشوائية. لا، ليس من حقنا ألّا نعيش تجربته! يجب أن نتعلم من الآن وصاعدا فن التماهي، فلنتدرب عليه من الآن!
فلنكن نحن هذا الإندونيسي السبعينيّ الذي أمضى الشباب والكهولة والمشيب يجمع ثمن الرحلة. فلنكن هذه المصرية المستوفزة كل عام تنتظر نتائج قرعة الحج. لن نذوق الحج حتى ننفق مما نحب، حتى ننفق تعاطفا، وتماهيا، وتعايشا، فهذا موسم اللقاء والتعارف والتعايش. هذا موسم لا نكون فيه أنفسنا، بل نكون الآخر أيضا. الشعب الآخر، القبيلة الأخرى، الضفة الأخرى، العِرق الآخر. هذا لئلا يكون الحج مجرد رحلة مرهقة، كرحلات زائري الكثبان، والسفاري، والشواهق.
هذه رحلة يجب أن تطوف فيها الروح كما يطوف الجسد. أن تخرج الروح من مألوفاتها، من عاداتها، من ما ترتاح إليه وفيه. هيا اخرجي يا نفس، اخرجي للجهاد، اعرجي للجهاد!
لقد طوَّرت الحاجة العامة للمسلمين والهندوس في العصور الوسطى في شبه القارة الهندية (الهند وباكستان حاليا) اللغة العامية المبتكرة المعروفة باسم اللغة الأردية، والتي كانت وسطا بين اللغة الفارسية والهندية، ويمكن وصفها بأنها الصفة الفارسية للهندية الغربية، فإن جميع مفرداتها تقريبا فارسية وقواعدها هندية.
ومصطلح "أردو" من أصل تركي ومألوف في اللغة الفارسية لدى المؤرخين الإلخانيين، وقد اعتمدت في الهند منذ عصر سلاطين دلهي من قِبَل الأمير خضر خان (817- 824هـ/ 1414- 1421م) ابن السلطان علاء الدين خلجي، حيث تم استخدامها في الجيش والبلاط. وأثناء عصر المغول العظام (1526- 1707م) في الهند جاء مصطلح "أردو" ليُطلق عموما على المعسكر الإمبراطوري، وفي أواخر القرن (11هـ/ 17م) أُطلق على لغة المعسكر. وإن هذه اللغة نفسها وكذلك آدابها المحلية المبكرة أقدم بكثير من اسمها الحالي "أردو"، فمن القرن (13م) إلى (18م) كان يُشار إلى اللغة الأردية باسم "هندية" أو منحت أسماء لهجات معينة مثل "الدكنية" و"الجوجراتية"، وهذا قد يكون مربكا حيث إن فقهها وآدابها بقيا يختلفان تماما عن اللغات المعروفة اليوم كالهندية والجوجراتية.
الصفحة 27 من 433