في الثالث من شهر نوفمبرعام 1989 وصل أبي تلغراف من باريس مفاده أن والده قد توفي، وحيدا في غرفته رقم 21 بالفندق الكائن بـ10 شارع شان دوماس بالدائرة السابعة من باريس كان وقع الخبر علينا عظيما زلزل القلوب وأقض المضاجع واعتصر المآقي دموعا سخاما، وشاء القدر الذي كنا نأمل فيه الخير ونتوسم فيه العطف أن يجمعنا بجدي - نحن أحفاده – بعد أن حرمنا منه سنين طويلة يضاحكنا ويعابثنا ويقص علينا طرفا من سيرته وحياته في عاصمة النور، على عادة الأجداد في جمع الأحفاد حولهم يوجهون ويروون وعيون الأحفاد إليهم مشدودة كأنهم آلهةالإغريق .
إن الإعلام والسخرية مزيجان ثقيلان بمكوناتهما؛ ولكنهما قد يلتقيان أحيانًا لتحقيق أهداف معيَّنة، فالأول له إيجابياته وسلبياته، ولا يجدر التعامل معه إلا بما يساير ديننا الحنيف، وبما ينصبُّ في مصلحة دولنا الإسلامية، ولا يجب أن يُترك الإعلام للهوى والارتجال والمزاجية والفوضى، أما السخرية فكل ما تحمله في طياتها الاستهانة بالناس وتحقيرهم، وذكر عيوبهم ونقائص صفاتهم، والتهكم بأقوالهم وبأفعالهم، من خلال القول أو الفعل أو الإشارة، أو غير ذلك.
يعتبر مدفع رمضان أحد الرموز المرتبطة ارتباطا وثيقا بالشهر الفضيل رمضان . وهو أسلوب يهدف إلى تحديد موعد الإفطار ، وإخبار عامة الصائمين عن هذا الوقت . وقد أصبح تقليدا متبعا في كثير من الأقطار الإسلامية ، يتولى أمره جيوش البلدان الإسلامية بإطلاق قذيفة صوتية عند مغيب الشمس معلنة بذلك انتهاء صوم يوم من أيام شهر رمضان المبارك .
تشير الوقائع التاريخية إلى أن المسلمين في شهر رمضان المبارك ، كانوا في أيام الرسول عليه السلام يأكلون ويشربون من غروب الشمس حتى النوم . وعندما بدأ المسلمون باستخدام الأذان الذي اشتهر بأدائه بلال الحبشي رضي الله عنه ، أصبح أذان المغرب هو الحد الفاصل ما بين الصوم والإفطار .
كنت أسمعهن طيلة أيامه يشتكين ولا سامع , يتألمن ولا شاعر , ينتظرن العون ولا مجيب .. إنهن بعض النساء فى رمضان وربما .. أكثرهن !
كانت احداهن تحادثنى تليفونياًً قائلة : أصلى الفرائض وأنا أغالب النعاس , أقرأ القرآن وأنا أشهر بـ " همدان " فى جسدي , لم أفلح فى المواظبة على عبادة سوي الذكر .. تخيلى معى أننى أقوم لتحضير السحور فى الثالثة فجرا أوقظ كل أفراد أسرتى وبعد السحور أصلى ثم أنام ساعة أستيقظ بعدها لكى يذهب الصغار إلى مدارسهم , وبمجرد نزولهم أستعد أنا للنزول لعملى مباشرة وأستمر فيه حتى الثالثة عصرا أعود بعدها إلى المنزل حيث يعود الصغار أيضاً من مدارسهم فأظل أجرى هنا وهناك لتحضير طعام الإفطار واقناع الصغار بأن يناموا حتى الإفطار , وتذكيرهم بأنهم صائمون وأمارس دورى فى فض المنازعات وفض اشتباكات الإيدىوالمعارك بينهم ..إلخ
أبو العلاء المعري شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، وأحد كبار الشعراء العرب وأعمقهم ثقافة وأرسخهم قدما في علوم العربية والمنطق والفلسفة، وأحد القلائل الذين لهم خبرة بالنفس الانسانية وتقلباتها. ويزيد إعجابنا بسعة ثقافته إذا تقصينا شيئا من ثقافته الفلكية.
يبهر أبو العلاء المعري من له دراية بالفلك، ويحار في الدقة التي يصف بها الشاعر المجموعات النجمية وطلوعها وشروقها الواحدة تلو الأخرى وهو الضرير الذي حرم من متعة النظر إلى السماء !
نعيش أيام شهر رمضان المبارك شهر الخير والنور، والمفترض أن يتوحد المسلمين فيه روحيا ومعنويا ولكن كما هو ظاهر انقسام الناس في هذا الشهر الجليل إلى صنفين:صنف يستغرق طاقته وجهده في القيام والتعبد والأعمال الصالحة وتربية الذات على مقاومة الشهوات ومراجعة النفس الدائمة، وصنف آخر من البشر يغتر برواج تجارة الفضائيات وتجارة الأطعمة بسبب النشاط المتزايد من قبل أصحاب المراكز والمجمعات والمحال التي تطرح أشكال متعددة من العروض والمنتجات ومن جانب آخر أيضا يستعد أصحاب الفضائيات لبث المسلسلات ونشر الفوازير التي لا تراعي في غالبيتها حرمة الصوم ولا قيمة هذا الشهر الفضيل.
الصفحة 145 من 433