خوفا من عقلها تجد البعض يحلو له أن يضع الأقفال على فمها وعينيها وأذنيها فتغدو لا ترى ولا تسمع ولا تتكلم وإن حدث فبإذن، وخوفاً من إغوائها وفتنتها يحلو للبعض الآخر أن يزيد فيحكم الإغلاق بنقاب – ولا أقصد هنا من ترتديه بإرادتها لسبب أو لآخر- وهكذا تبدو المرأة فى مكانها " محلك سر " ، لا زالت تطالب بشارع آمن، ومكان عمل آمن ، وحتى "بيت" آمن!
لا زالت بالفعل " محلك سر" تفتقد الأمان فى كل مكان تغشاه، ووسط هذا كله تجد تبريرات جاهزة من الشيوخ والمثقفين لما يمارس تجاه المرأة من قهر .
في وقتنا الحالي، وفي ظل المتغيرات المتسارعة، فإن إدارة التغيير المجتمعي من أهم ما يميز الأمم الفاعلة عن غيرها التي تترك الأمور للصدف والظروف والوقت، حيث ان تطوير المجتمع الكويتي وتحسينه على مختلف الأصعدة، يتطلب منهجية تغيير مُحكمة تناسب ثقافتنا، وتساير امكاناته وقدراته المادية والبشرية، والعمل بهذا النهج يَشترط رؤية واضحة واستراتيجية فاعلة وتكتيكات ناجحة وأهدافا محددة وكوادر بشرية ذات قدرات مُتمكنة، فلا مكان هنا لارتجالية الرؤية وعشوائية التنفيذ.
تعلمنا النظرية السيميائية - مع مدرسة باريس - أنّ هناك متسع للاستزادة الدائمة من مختلف المباحث العلمية ، و بالخصوص تلك التي عرفت مناهجها و مفاهيمها قبولا و اعترافا بين الأوساط العلمية ، إن بدقة مناهجها أو حداثة رؤاها ؛ فالإطار المفهوميّ اللّسانيّ سواء السويسريّ و اليامسليفيّ و الياكوبسونيّ ، و مرفلوجيابروب ، و بنيوية ليفي ستراوس ،
ألطف صورة يمكن رسمها؛ صورة يد طوَّقت ذراع طفل أشعلَ في اللب جمرات حب تبرق أملاً. يد الحاكم تمتد برفق لتحضن راحة يد طفل بعطف أبوي ساحر، فتومض بنقاء ناصع يفتقده كثير من الناس حول العالم.
تهب على العالم العربي بين حين واخر عاصفة ثقافية ، قد تكون فكرية مجردة او ابداعية يقف في الغالب وراءها روائي او اديب او شاعر ، اما انهم يبحثون عن شهرة من خلال طرح عمل ما ايا كان شكله ، يعمل على خلخلة الامن الثقافي والفكري للمجتمع .
او انهم اصلا ينتمون الى شريحة من اوساط فكرية او ابداعية ، اطلقت على نفسها مسمى المثقفين الحداثيين ، قد سمحت لنفسها اجتياز سياج محرمات فلسفة المجتمع السائدة والتسلل عبره منتهكة بذلك منظومة القيم والتقاليد ، وماسة بالموروث العقائدي والفكري ومستبيحة اياه .
جالس في مكتبي ، مر علي أحد الزملاء ، وهو الأخ العزيز "مصعب العتيبي" ، يبدو على تعابير وجهه أنه قد وجد موضوعاً مشتركاً نحمل همه يريد أن يتحدث به ، ففاتحني بـ "هل تعرف RACHEL CORRIE"؟ فقلت له: ومن تكون !
فقال: فتاة أمريكية ، وقفت أمام بلدوزر إسرائيلي في غزة ، لتمنع هدم وجرف بيوت الفلسطينيين، فسحقها بالأرض !
"مرة أخرى" طلبت منه أن يعيد ، لعل أجواء "الحساسية" قد أثرت في سمعي ، فعاد الكره ، وبشرح أطول عنها "RACHEL CORRIE" وعن مجموعتها التطوعية.
الصفحة 141 من 433