دعني أدخل في صلب (العنوان) لأُسقطك في فخ الموضوع، إن المسرح كائن شاب لا يقبل (العواجيز) لأنهم ضعفاء ولا يواكبون الذهنية العصرية، بل يتسببون في رجعية المسرح كفن وثقافة وفعل.
هذه الحقيقة يرفضها العديد من المسرحيين (الاستوكات) لأنهم يَعتبرون (مدّة الخدمة المسرحية) مقياسًا كافيًا لجودة ما يقدموه، والحقيقة أن الجودة في المسرح تقف على مدى (شبابيته) بغض النظر عن تراكمات تجربته والجميل في هذا الأمر أن كبار المسرحيين الذين يقدمون المسرح كشباب يزيدونه تألقًا ويضفون عليه لمعة الرصانة والجزالة.
في جانب آخر نجد أن فشل بعض الشباب مسرحيًا يكون بسبب كون المسرح الذي يقدموه (عجوز) يتكئ على زهايمر مبكِّر سببه عجز النَّفس عن فهم حقيقة المسرح ككائن نعيشه لنبقى محلقين بروح شابة مهما كانت أعمارنا.
إن مسمى "مسرح الشباب" يدفعنا إلى مساحة كبيرة من المفاهيم التي ترادفه ومن أبرزها (الحيوية)، تلك الخاصية الذهبية للمسرح بالعموم لأنه نشاط تفاعلي الأبعاد في سلسلة من الأخذ والعطاء والتأثير والتأثر والنمو والتحول وما يصاحب كل هذا من فعل تتجلى من خلاله الحيوية المستمرة.
الوليدُ الجديدُ في مهده تراه أحيانًا يبتسم! وهو غارق في نوم عميق، تسألُ نفسك: ما الذي يبعثه على صياغة هذه الابتسامة؟ هل أحسّ أن أحدًا داعبه أو لامسه أو أشار إليه إشارة لم يستطعْ أن يعبر عنها إلاّ بالابتسام؟
وقد تراه أحيانًا يصرخُ باكيًا دون مقدمات، يفاجئك بصوته، فيقطع عنك لذّة نومك، ويسرقك من أفكارك إن كنت مستيقظًا، وقد أوهمك أنه نائم مسافر عنك في لذّة النوم السحيق... وأنت أمام ابتسامته أو بكائه تقفُ حائرًا إن أردت التعليل، وربما ترضى فتقنع نفسك أن حلمًا جميلًا تراءى له في نومه فابتسم، أو حلمًا مزعجًا مرّ به فتظلّمَ بالبكاء! وستنفقُ وقتًا طويلًا دون طائل إذا حاولت أن تجيبَ نفسك؛ هل الأطفال في سن الأسابيع الأولى يحلمون كما نحلم؟ وكيف يحلمون وهم لم يعايشوا غير مجموعة صغيرة من الأصوات المبهمة التي ترتفع وتنخفض من حولهم، ومجموعة من الصور التي تحضر حينًا ،وتغيب حينًا آخر، أو مجموعة من نسمات هواء الحياة التي يأخذون منها ما يقيم حياتهم ويتركون خلفهم حياة صاخبة تقوم ولا تقعد، وتموج ولا تهدأ، وتثرثر ولا تسكن، تعمل ولا تتعب!
قلتُ لك ستنفقُ وقتًا طويلًا ولن تصل إلى إجابة مرضية، أو حجة يهدأ بها سؤالك الثائر! فالأحلامُ ترتبط بالحياة التي هي ذهاب وإياب! ونوم وعمل، وحركة وهدوء، وتفكير مستمر ثم تأمل هادئ... وربما كان للأطفال الصغار حظ قليل ناتج عن المثيرات لحواسهم، ولكنّ الشيء المؤكد أنْ لو أُتيحَ لهؤلاء الأطفال من القدرة على وصف ما يبعثهم على الابتسام أو البكاء لأفصحوا لك، ولقالوا أنهم سمعوا صراخًا فخافوا وبكوا، أو أنهم رأوا عصفورًا صغيرًا يطير حولهم، أو أنهم في حالة تمرين على حركات العين فابتسموا، أو عبسوا، أو سمعوا أو رأوا أمورًا ليس بمقدورهم أمامها إلاّ أن يبتسموا فتراهم، أو يبكوا فتسمعهم!
الموت كلما تقدم الإنسان في العمر أصبح أليفًا، مجرد طقس يتكرر بإسراف، ينسحب على إثره جارٌ لنا في الكون إلى لا مكان تاركًا خلفه في القلوب بعض الذكريات وبعض الحنين، يرتفع إحساس اللامبالاة بالموت في قلوبنا، خاصة عندما يفقد أحدنا ذلك الشخص الذي، لسبب ما، يصبح كل فقد بعد فقده هينًا، كان ذلك الشخص بالنسبة لي هو أبي، وأصبحت بعد موته لا أهتم كثيرًا بمن مات ولا من عاش.
لكن في ذاكرة كل منّا حتمًا ذلك الشخص الذي لا يعرفه إلا في عالم الخيال، مع هذا فقد ترك في قلبه ندوبًا و مسرات، وانتابه حلمٌ صغير ليس له أي منطق أن يراه ذات يوم ويحاكيه، "جابرييل جارسيا ماركيز"، كان بالنسبة لي ذلك الشخص الواقف علي قارعة هذا الحلم الذي احترق منذ عدة أيام فقط، لينضم إلى كومة من رماد أحلام كثيرة قد احترقت في الطريق إلي كتابة هذا الكلام.
نعم سقط "ماركيز" في الفجوة التي لابد له منها، بعد عراك شديد مع مرض السرطان بدأ منذ عام "1999"، وظلت الملائكة تنتظر وفادته، حتى قبل حزمة من الساعات.
لقد قام القبر بهضم جسده تمامًا، لكن ضوء روحه الغامض الذي انسحب إلى اللامكان، أصبحت خيوطه الآن، وأكثر من أي وقت مضى، معلقة في المطلق بوضوح شديد.
أتتني في سكون الليل أطيافٌ لماضينا وراحت تنثر الأشواق والذكرى أفانينا
أمَا كـنا في جـوف الليل رهـبانًا مصلِّينـا وفرسـانًا إذا ما قد دعا للمـوت داعينا
انتهى عصر القتال بالسيوف وأصبح القتال بالعقول، لقد استبدل الله بالسيوف والبنادق والبارود والدبابات سلاحَ العلم، وأصبح الفارس الحقيقي هو من يهب نفسه للعلم في خدمة بلاده، أصبح الفارس الحقيقي هو من يسعى لتحقيق النهضة، أصبحت التكنولوجيا هي المحرك الرئيس للحروب وللاقتصاد؛ ولذلك تجد كل الدول تقف في وجه إيران حتى لا تنتج طاقة نووية سلمية لتدخل بها حقبة القرن الواحد والعشرين في مجال التصنيع والبحث العلمي، لماذا؟ لأننا مسلمون، ويجب ألاَّ نمتلك التكنولوجيا حتى لا نقود العالم كما قدناه آلاف السنين! ولذلك قاموا بتغييب عقول شباب المسلمين- وأنا أركز على كلمة شباب - بكل أنواع المغريات؛ بداية من المواقع الإباحية، والموضة، والفن الهابط، والبحث عن عمل في ظل فساد إداري مُستشرٍ في كل شيء حتى في البيوت، وإعلام غائب ومغيب، هل تعلمون أن إسرائيل كانت تنوى اغتيال عبد الحليم حافظ بعد أغنية القدس؟! (في بعض الأحيان يكون الفن هادفًا) لأنها تعلم أن الفن له سلاحان، واحد بناء والآخر هدَّام، وكنا كعرب إبان هذه الفترة متحدين على كلمة رجل واحد، وحاربنا سويًّا كعرب ومسلمين، فما حدث بعد ذلك؟
أغرقنا بإعلام هابط، وفن مبتذل، وبطالة، ومخدرات، ودعارة، وموضة، وتقاليد غربية، تغييب كامل ومتعمد من قبل يهود وهبوا أنفسهم لوأد الإسلام منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، مرورًا باغتيال عمر وعثمان وعليٍّ رضي الله عنهم جميعًا، وحتى الآن، خطة مدروسة ومتقنة.
وأنا أحييهم والله!
في السادس من أغسطس/آب عام 2014 تصادف الذكرى التاسعة والستين لتفجير أول- ونأمل أن تكون آخر- قنبلة نووية صنعها الإنسان.
بدأت الفكرة من رسالة صغيرة وجهها ألبرت أينشتاين عام 1939 إلى الرئيس الأمريكي آنذاك فرانكلين روزفلت؛ ليفتتح بها عصر القنبلة النووية. وقد جاء في نص هذه الرسالة: "السيدَ الرئيس: اطلعتُ شخصيًّا على الأبحاث الأخيرة لفيرمي وزيلارد، وإنها لتبعث على الأمل في أن عنصر اليورانيوم قد يتحول في المستقبل القريب إلى مصدر جديد ومهم للطاقة؛ فالظاهرة المكتَشفة ستؤدي إلى تركيب قنابل من نوع جديد، يؤدي انفجار واحدة منها في مدينة إلى تدميرها وتدمير ما يحيط بها".
وفيرمي الذي ورد ذكر اسمه في الرسالة هو الفيزيائي الإيطالي إنريكو فيرمي، الذي اضطر للفرار للولايات المتحدة – مثل أينشتاين- من السرطان النازي والفاشي الذي استشرى في جسد أوربا، وهناك قرر أن يتابع أبحاثه في الفيزياء النووية، لكنه كان بحاجة لتمويل مادي كبير، وكان الحل الوحيد هو إقناع الحكومة الأمريكية بأن التجارب النووية ستؤدي في النهاية إلى اختراع سلاح رهيب يمكن استخدامه في الحروب، فكان أينشتاين أفضل شخص يمكنه القيام بالتسويق للفكرة فهو يتمتع بشهرة وسمعة عالمية، كما أن الوضع العالمي آنذاك وبداية الحرب العالمية الثانية ساعدا كثيرًا على اقتناع الإدارة بفكرة المشروع.
نظرًا لسرية الأمر؛ فقد تم اختيار المنطقة الواقعة تحت أحد ملاعب التنس في مدينة شيكاغو، فوق أرض الملعب ضُرِب سياج من الحرّاس والحراسة المشدّدة، وتحت أرضه كان يقوم فيرمي بالتحضير لتجربة خطيرة وهي تحقيق تفاعل متسلسل لانشطار نوى اليورانيوم بحيث يمكن التحكم فيه وتوجيهه.
هل قتل السلطان العثماني مراد الرابع عام 1638 البطريرك اليوناني كيريللس الثالث؟
السلطان مراد الرابع
عكفت على سيرة بطريرك الروم الأرثوذكس في القسطنطينية "سيريلو لوكاريس"Cirilo Lúcaris ) "1572-1638) والذي سمي فيما بعد "كيريللُس الثالث"، باعتباره كاتب تاسع ترجمة لاتينية لمعاني القرآن الكريم(1). وكان غرضي أن اختصرها في أربعة أسطر كتعريف بصاحب الترجمة. لكني وجدت في النهاية اتهامًا للسلطان العثماني مراد الرابع بقتله، دون أي مقدمات تبرر ذلك، وكانت الأدلة الظرفية تشير إلى جهة أخرى، فاضطررت لإعادة القراءة والتدقيق فيها لأتبيّن صحة هذا الخبر.
الصفحة 67 من 433