أحرص على اقتناء الصحف والمجلات التي تصدر في الأسبوع الأخير من ديسمبر من كل عام، لأنها تحوي عادة حصاد عام كامل من الإنجازات والإخفاقات.. ابتكارات واختراعات واكتشافات.. مشاهير رحلوا عن الدنيا مخلفين تركة طيبة أو سيئة، ومغمورون صاروا مشاهير لأنهم عملوا شيئا طيبا أو خبيثا.. وفي نهاية كل سنة، أستعرض إنجازاتي، وأحس بالفخر والرضا.. أهم تلك الإنجازات هو إنني بقيت على قيد الحياة بفضل الله وباجتنابي للمخاطر والموبقات.. الشيء الوحيد الذي أفشل دائما في اجتنابه هو "قرناء السوء"، فيما مضى كان قرين السوء شخصا تتعامل معه وجها لوجه، وقرار "مقاطعته" في يدك، ولكن عصر العولمة يفرض عليك قرناء سوء لا تعرفهم.. بعضهم يقود سيارته من حولك يوميا بل على مدار الساعة، وبعضهم يراسلك رغم أنفك عبر الإنترنت ويزودك بصور مفبركة لبنات وأولاد "الناس" في أوضاع مشينة
يكاد يختلف مراقبان على أن أشياء يجري إعدادها في الكواليس فيما يخص الصراع العربي الصهيوني، ليس فقط في ضوء وفاة عرفات المثيرة للجدل والتجاذبات الظاهرة للعيان داخل المنظمات الفلسطينية لإعادة هيكلة الأوضاع في حقبة ما بعد عرفات، بل لعل الأكثر خطورة ما يجري تسريبه – عمدا – منذ أشهر عن تفاهمات ووثائق ومشاريع تسوية ومواقف تتبدل على الجانبين العربي والإسرائيلي. ولعلها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي الصهيوني التي تجد فيها أطراف الصراع كافة أن استمرار حالة الصراع مستحيلة وأن التسوية أكثر استحالة. وتلك هي المعضلة الحقيقية.
لا أحد داخل الجزائر وخارجها ينكر بأنّ الفتنة العمياء التي ألمّت بالجزائر قد كلفّتها خسائر مذهلة ليس على الصعيد المادي فحسب بل في كل المستويات .
و ربمّا يحتاج الباحثون إلى كثير من الوقت لإحصاء حجم ما لحق بالجزائر جرّاء الأزمة الأمنية والسياسية التي عصفت بها في العشرية الماضية .
وإذا كانت هذه مسلمّة لا أحد يستطيع أن يقفز عليها , فإنّ هناك مسلمّة أخرى تفيد أنّ جزائر اليوم غير الجزائر البارحة و أنّ هناك تغيّرا ملحوظا بل وجذريّا في التطورات السياسية في الجزائر بإتجاه الحلحلة السياسية الكاملة , و بإتجّاه عودة الميّاه إلى مجاريها في هذا البلد الذي يحوي على مقدرّات رهيبة قد يؤدّي إستغلالها الإستغلال الحسن إلى إحداث المعجزة في بلد المليون و النصف مليون شهيد .
حينما تحاول ان تضع يدك على الاسباب التي تقف خلف تردي اوضاعنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية فإن سوء التخطيط سيقدم نفسه لك بوصفه أحد ابرز الاسباب واكثرها حضورا ان لم يكن ابرزها على الاطلاق, ومع اقرار الجميع - رؤساء ومرؤوسين وحكاما ومحكومين - بأن غياب التخطيط يمثل عائقا خطيرا يحول دون تحقيق التطور والتنمية في بلادنا إلا ان ذلك لا يغير من الواقع الكئيب شيئا، ففي العديد من دول العالم الثالث وزارات وهىئات مختصة بشؤون التخطيط ووضع السياسات المستقبلية للبلاد، مما يعني ان هناك وعيا عاما بأهمية التخطيط ودوره في بناء المجتمعات، وهو ما يستدعي التأمل في الآليات التي يتم عبرها تطبيق التخطيط، وباختصار فإن تحقيق التخطيط بحاجة الى تخطيط دقيق!,
عندما يذكر إسم السودان فإن أول مايتبادر إلى الذهن هو صور الجوع والفقر والمآسي الإنسانية ويمر كذلك على المخيلة شريط من عدم الإستقرار والحروب والخلافات الداخلية والخارجية التي دخلتها هذه الدولة المترامية الأطراف في معظم فترات تاريخها السياسي سواء مع جيرانها من الدول الأفريقية أم مع العدو التقليدي لها والمتمثل بالولايات المتحدة الأمريكية ، مما جعل البلاد تعيش في حالة صعبة من عدم الإستقرار السياسي والإنقلابات السياسية التي لا يفتأ أن يستقر الأمر بيد الفئة المنقلبة حتى تأتي مجموعة أخرى لتكرر نفس السيناريو وتسقط هذه الحكومة الوليدة وتستمر بهذه الصورة حركة الانقلابات في السودان إبتداءاً بانقلاب عبود مروراً بانقلاب جعفر النميري وصولاً بانقلاب حكومة الإنقاذ في عام 1989 .
ثمة مؤشرات عديدة توحي بأن الخريطة "الجغراسية" (الجغرا سياسية)، بالمنطقة، دخلت طور التغيير بشكل لم يحدث منذ عقود، وأن التحالفات والعلاقات في ما بين بلدان المنطقة، وما بينها، وبين دول العالم، تشهد تغيراً واسعاً يمكن اعتبار بعض أبعاده جذرية.. فما هي حقيقة ما يحدث: أهو حالة طارئة لا تلبث أن تزول؛ أم أنه حقا إعادة صياغة لنظام سياسي جديد أوسع مدى مما يتصوره الكثيرون(؟!).
لعل مفاصل هذا التغير كثيرة، ومتشعبة، ومتنامية في مواقعها الجغرافية، ومتباعدة في التوجهات السياسية التقليدية للاعبين فيها.