طوال يفاعتي كنت أسمع الجيل الأكبر يكيل الركلات الكلامية لجيلنا (مواليد الثمانينيّات) المتهم بالكسل والبلادة، الجيل الذي نما في حِجر الألعاب الإلكترونية، وغُذِّي بالأكل غير الصحي، وقرأ قشور الكتب، وجُرّبت عليه –من وجهة نظرهم- وسائل تعليمية عقيمة، ذلك الجيل المشدوه بالتلفاز والمشدود بأشرطة الفيديو، ذلك الجيل الذي رزح بين الفُتات الذي تقدمه "المناهل" و"افتح يا سمسم" ولم تتح له فرصة مصافحة أمهات الكتب، ذلك الجيل الذي خرج من رحم السرعة خديجا وتمكن –رغم كل ما سبق- أن يجاري التغيير بل أن يصنعه بسرعة أسرع من طائرات الـ"كونكورد".
لعل من أهم الأعمال المطلوبة التي قامت بها "قناة الجزيرة" خلال الأعوام الثلاثة عشر من عمرها القصير الحافل ، هو ربط جناحي المنطقة العربية ببعضهما البعض عن طريق الكلمة والصورة والتوثيق والمراسلة وتقديم العناصر الإنسانية المغاربية للمشاهد في المنطقة العربية ، والذي لم يعتد إلا على الصوت المشارقي وعناصره البشرية المحدودة الآتية بشكل عام من لبنان ومن بعض مناطق سورية وفلسطين ، فضلا عن استئثار المصريين بالسيطرة على الإعلام الناطق بالعربية مدة خمسين عاما على الأقل، الشيء الذي لايتناسب اطلاقا مع حجم وفاعلية تأثيرهم في الجزيرة اليوم ضمن نخبة الإعلاميين الذين يمثلون مختلف الدول العربية في هذه القناة .
جميلة بوحيرد: ومن ذا الذي لا يعرف تلك الماجدة التي قدمت أعظم التضحيات في سبيل اخراج الأمة من ذل الاستعمار إلى عز الاستقلال، ومن ذا الذي لم يقرأ عن شجاعة هذه المناضلة التي هي مثال ناصع للمرأة العربية الاصيلة...إنها أم الجزائر وصفحة مشرفة في سلسلة الكفاح العربي عبر التاريخ.
قد لا يختلف اثنان في أن الأمازيغية صارت تشغل حيزا كبيرا في المجال التداولي المغربي، بمختلف أنساقه الفكرية والسياسية والتربوية والإعلامية والتنموية، وغير ذلك، لا سيما في العقدين الأخيرين؛ العشرية الأخيرة من الألفية الثانية الماضية، والعشرية الأولى من الألفية الثالثة القائمة، غير أنه قد يختلف اثنان في رؤيتهما للأمازيغية، وتفسيرهما للقضايا التي تمت، بشكل أو بآخر، إليها، وما أكثر هذه القضايا التي يتخذ النقاش حولها طابعا جدليا ساخنا، وتنحو الأسئلة التي تثار حولها منحى إشكاليا شائكا، إلى درجة أنه كل لحظة يطفو على سطح الواقع المغربي مستجد ما، يرتبط بالملف الأمازيغي، غالبا ما يستقطب أنظار الرأي العام، ويسترعي انتباه الرأي الخاص الوطنيين، سواء بسواء.
كان ذلك عام 1981 ..بعد خمسة أشهر من قدومي الى اسبانيا ، سمعت شريطا مسجلا لمحمد قطب أحد أكبر الكتاب والمفكرين الاسلاميين في تلك الحقبة ، جاء فيه: "إن المسلمين اليوم يعيشون في أوربة ويساعدون في بنائها ، وهم جزء من خطة استقدام مدروس لليد العاملة الرخيصة ، ولذلك فهم "مسكوت" عنهم حاليا، وعما قريب عندما تفرغ أوربة من المهمة التي استقدمتهم من أجلها ، وعندما يصبح لهم وجود جماعي ومساجد يحافظون من خلالها على هوياتهم فإن أوربة لن تستمر في السكوت على ذلك ".
من الحقائق المسلم بها ان العرب ينتسبون الى أمة واحدة.واذا كان تاريخهم في الجاهلية قد عكس صورة اخرى عن انقسامهم وتشرذمهم وتعاديهم وتفرق كلمتهم وهيمنة روح الانتماء الى القبيلة،وهي الكيان الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الأصغر والاضعف والاقل شأنا، فهذا كله لا ينفي عنهم صفة الأمة المتجانسة عرقا ولسانا.وفي نفس الوقت ليس هناك دليل على انهم تجاهلوا البتة كونهم عربا أصلا وفصلا،نسبا وحسبا،حتى في غمرة ذلك المشهد القائم على الفرقة والانقسام.
الصفحة 137 من 433