أرجو ألا تنتفض أخي القارئ لتكتب إلى مصححا الخطأ الشنيع الوارد في الآية في عنوان المقالة، فأنا –للأسف- أعني العنوان كما كتبته. خرجت للتو من نوبة تلوث بصري-عقلي، إذ جلست أتأمل في أحد الأماكن التجارية، فرأيت اللحوم والشحوم تُعرض عيانا بيانا، وإن أدري أين الحمقى الذين يدّعون أن العالم مقبل على أزمة لحوم وبروتين! رأيت ألبسة عجيبة، تبحث عن أية مناسبة لتنضو نفسها، ألبسة لا تضيق إلا عند السوءات التي يفترض بها أن تسترها. ترى، هل أصابت الانتقائية والهوائية الألبسة، فصارت تعرّي بدل أن تواري؟
الأغنية المصورة هي الترجمة العربية لمصطلح " الفيديو كليب ". وهي من نتاج الثقافة الغربية التي أصبح لها سوق في الوطن العربي أفرزتها فضائيات عربية متخصصة . وتحتل الأغنية المصورة مساحة من برامج البث التلفزي آخذة في الاتساع . ويمكن القول ان الغناء العربي الحديث اللاهث وراء الحداثة والعولمة لم يعد يعتمد على منظومة " الكلمة واللحن والاداء " بل انه تجاوزها الى المشاهد المصورة الزاخرة باللون والحركة والبهرجة الضوئية والرقص وتقنية المؤثرات الصوتية والحركية الأخرى .
وبداية فان الأغنية العربية واحدة من أسس المشهد الثقافي العربي الذي يفترض ان تكون له هويته الفنية التي تشـكل جزءا لا يتجزأ من منظومة الانتماءات القومية والأيديولوجية . وفي ذات الوقت أن تعكس ما يعتمل داخل الوطن العربي من تفاعلات ذات اتجاهات مختلفة ومتوازنة مصورة الواقع المعاش ، وطارحة الرؤى التي تجيش في آفاقه ، ومعبرة عنها في اطار من حرية التعبير والاختيار والانطلاق الى آفاق جديدة دون أن يكون هناك انفلات أو انقياد أو تسويق لثقافات بحد ذاتها ، أو التركيز على جانب معين ، أو تحكم أو هيمنة لجهة بمفردها أيا كانت على الحياة الإبداعية .
يدعوك العقل إلى التوخي من حادثات الزمن، ونوائب الدهر، وتحييد المجهول لما يعقله ويمنطقه بحسابات العقل المحدود وبطرائق معدودة في مجملها ... بينما هي لا نهاية لها في إحصائها ... فالعقل أحياناً قد يقف عاجزاً عن أبسط الأمور فهماً ... بينما يتوسع تفصيلاً في معطيات بعض الأشياء العسيرة على الفهم ... لمحاولة إيجاد الحلول المتعددة لها ... وبالتالي هل لنا أن نقول: إن محدودية العقل في اتساع مدركاته؟ أم أن اتساع العقل في محدودية مدركاته؟
يغفل البعض أن كثيرا من النواهي الشرعية لم تأتِ بحد ذاتها، إنما هي مثال على مقصد أعم وحكمة أكبر، وأنه علينا كمسلمين أن نفكر فيها ونتفكر لنصل إلى المقصد والحكمة والعلة وإلا تحولنا إلى آلات فقدت بوصلتها، فصارت تطبق كل شيء حَرفيا. ونكون بهذا أغفلنا عبادة وفريضة محورية ألا وهي التفكّر.
من أهم الأمور التي يمكن من خلالها أن نفهم مقاصد الشريعة هي أحكام اللباس والشكل في الإسلام، وهي أكثر ما يستفتي فيه الناس، ومن أسباب كثرة الاستفتاء فيها هو ورود قضايا معاصرة لا يعلمون كيف يقيسونها، وهنا يجب أن يبحث أهل العلم عن المقصد العام لينزلوه على الحالات الزمانية والمكانية المتغيرة. وبالمثال يتضح المقال.
إن حبكة الأفلام السياسية وإن تغير محتواها بين فترة وأخرى، وتبدلت كلماتها بين موقف وآخر، وإن تعقدت أساليبها حسب الحاجة، وإن تحول منطق بعض مشاهدها، لكنها تحافظ على سياقها العام، ومع هذا لن يفهم أحد في الغالب ترابط أحداثها وتسلسلها وفق الخطة التي وضعت من أجلها، وذلك لأن سياق تلك الأفلام يتغير بتغير تعليمات المخرج السياسي الذي يعطي تعليماته للممثلين ليضبط حركاتهم وأداء أدوارهم. وعليه لا أرى بأن التحليل السياسي لأي بيئة سياسية يضع بعين الاعتبار الفرق الشاسع ما بين المعرفة السياسية والإدراك السياسي، فشتان ما بين الاثنين.
الصفحة 134 من 433