الإبهار في المسرح غدا عبء عليه لأنه أصبح هدفا أساسيا بعدما كان مجرد زينة تكميلية تضفي الجمالية المسرحية (العصرية) لتعطي نكهة للفرجة.
والقواعد الرنانة في المسرح والتي ناشد بها منظروها أصبحت هي الأخرى مثار القلق للمخرجين والمؤلفين ومحل امتعاض بعض الممثلين من أنصاف المثقفين فنيا.
وغاب عن المؤلف بأنه يصنع اللبنة الأولى ليكون منتجا قابلا للاستهلاك الجماهيري وأمسى يكتب النص المسرحي لذاته وكانه نسخة من شاعر نبطي.
ونسي المخرج اليوم أنه القائم بهندسة العرض ليكون دقيق المسافات وسليم بمعيارية توازن مابين العرض والطلب.
والممثل الذي غدا البطل في ارتجالاته وتقوقعه على شخصية تكونها قناعاته الخاصة به باحترافية موهومة يظنها خطوة نحو أوسكارية ستذهل العالم بتصوره المنغلق الذي لايتسع لأصغر اكسسواراتها.
والمتفرج الذي أصبح يطلب الأرخص من حيث القيمة الفنية والثقافية والفكرية ليعطي فرصة لكل من سبق لتمزيق ماتبقى من هشيم عقله الخرب.
لذلك أصبح المسرح اليوم (دمار شامل) يحدق بمن يفكر أن يظل في تلك الدوائر المسمومة فنا.
ومما يزيد الطين بلة .. الدعم المعدوم.
في (كيف) نعتقد بأن القيمة يجب أن تتوفر في (كيفية) الإنتاج المسرحي القائم على التجربة المنهجية ، ولانزال (نحاول) بكل مايتوفر لنا لنقدم عوضا عن (الكم) (الكيف) وسنستمر في مشروعنا البحثي لنكوِّن معاييرا من خلال البحث العلمي التطبيقي تحددها المعطيات من مؤلفين ومخرجين وممثلين ومنتجين .. ولاننسى الجنود المجهولين من الفنيين المبدعين..
لقطة من التجربة المسرحية "البرمائي" لمحترَف كيف للفنون المسرحية ويظهر فيها الممثلان زياد السلمي وياسر مدخلي
يُقال في الأمثال "لا فائدة من البكاء على اللبن المهراق"، لكن حينما تقدّر هذه الألبان بـ 24 ألف لتر يوميا، وحين يسكب في الفيافي والمجاري، فإن الأمر يستحق البكاء فعلا؛ فـ"لمثل هذا يذوب القلب من كمدٍ *** إن كان في القلب إسلام وإيمانُ" كما يقول الشاعر.
المشهد يخلع القلب، ويذكرك –جزئيا- بمهرجانات الطماطم التي تقيمها بعض الدول التي تُعدم النعمة بالعبث بها خوفا على الأسعار من الهبوط نظرا لوفرة المعروض. لكن الكارثة عندنا أعقد وأكبر، فما يحدث يحدث اضطرارا لا اختيارا، لكن المحصلة النهائية أن النعمة تهدر ولا يُتبرّع بها.
ذلك الفتى الغرير بسنواته السبعة عشر وجسده النحيل وقامته القصيرة ، ذلك الفتى بتقصيره في دراسته وتركه صلاته وإضاعته عشرات الآلاف في فواتير الهواتف الجوالة ، ذلك الفتى الذي بدأ بالخروج مع إحدى بنات جيرانه متحديا إرادة أبيه وأوامر أمه ، وقع في غرام الصبية وهو ذاهب آيب أمام نافذتها ، يرقبها بعينيه الطفلتين قبل أن تكتشفا أن في الحياة شيء يدعى العشق والهيام ، ذلك الفتى الكذّاب بامتياز ، يكذب على أمه و على أبيه و على اخوته ، هذا الفتى الذي أصبح يدخن في اليوم علبتي سجائر يسرق ثمنها من درج أمه ، ويتسلل بعد منتصف الليل من البيت ليخرج مع رفاق السوء إلى حيث لايعلم أحد ، وعنما يعود بعد الفجر يدّعي أنه كان في صلاة الصبح جماعة في المسجد!
كثيرون –وأنا منهم- من يشعر بحالة من الإحباط العام حول ما يجري ويدور حولنا من أحداث متسارعة ومتعاقبة ، خصوصاً أننا بدأنا نشعر بتجلي وانكشاف حالة انتصار الظالم ، وقلب الحق، وقهر الحقيقة.
في واقع الأمر ، هذا شعور وتفكير يراودني منذ سنوات ، ولكن بدأت أشعر به بقوة يتحكم في مركز التفكير في عقلي بشدة هذه الأيام ، خصوصاً مع الأحداث الغريبة والسريعة والمتتالية التي تمر فيها الكويت في السنوات الست الأخيرة ، لقد بدء كل شيء بالتغير وكأننا نجري نحو هاوية لا ندري أين ومتى نصل لقاعها .
ثم حولت تفكيري لبُعد أوسع من هذا، محاولة مني للتفكير خارج الصندوق – كما يطلق عليه- فوجدت أن الكون والعالم يعاني من نفس المعضلة !
عِندَما تَنتَهي بِنا الجُملَة ـ أثناءَ الكِتابَةِ ـ في نِهايَة السَّطرِ نَضَعُ نُقطَة ثُمَّ نَنتقِلُ إلى سَطرٍ جَديدٍ ..نقومُ بهذه العَمليَّة بشكلٍ تلقائي ، ودونَ تَعنُّت مِنَّا في رَصِّ الحُروفِ على السَّطرِ الأوَّلِ ، وذلكَ لأننا أدرَكنا
تمام الإدراكِ ـ أنَّ السَّطر لَم يَعدْ يَتَّسع لحَرفٍ جَديدٍ ، وما عادَ يَحتمِل مِن الكلماتِ ما يُشكِّل جُملة مُفيدَة ذاتَ مَعنى جَميل ، فيأتي السَّطرُ الثاني بمَثابةِ فرصَةٍ ثَمينةٍ تَهَبُ حُروفنا الحَياة مِن جَديدٍ !
شعرت بنشوة جهادية كبيرة حينما رأيت هذه الصورة في الجريدة ويبدو فيها الشيخ محمد العريفي الداعية الاسلامي في الزي العسكري حاملاً السلاح مقاتلاً الحوثيين الضالين.. ولا شك أن الشعوب الاسلامية اليوم متعطشة لفتح باب الجهاد خصوصاً شباب الصحوة الاسلامية..
لم يكن الأمر مفرحاً أن ترى المسلمين يتقاتلون في ما بينهم وإن كنت أعتقد بانحراف الحوثيين عن المنهج الصحيح للإسلام.. لكن هل قتالهم اليوم مشروع؟ وهل هو جهاد فعلاً؟
الصفحة 135 من 433