قرأت قبل نحو أسبوعين عرضا مطولا في صحيفة الأوبزيرفر اللندنية، عن عمل روائي ضخم محوره الكارثة التي حاقت بمدينة بومباي الإيطالية عندما ثار بركان فسيوفياس وأهلك الزرع والضرع في المدينة، فهلك مئات الآلاف من البشر في ثوان، وبالضرورة فإن الكاتب يتناول عظمة الإمبراطورية الرومانية، والتطور الهائل الذي شهدته في ميادين الري والزراعة والعمران والصناعة، وكانت تلك الإمبراطورية تغطي كل ما يعرف بالعالم القديم ولم يصمد بلد أمام سطوة جيوشها
قف في الحياة دون رأيك مجاهدا *** إنّ الحياة عقيدة و جهاد
يختزل البيت الشعري المذكور أعلاه مسيرة الصحفي السوري تيسير علوني الذي كان مؤمنا إلى أبعد الحدود بقضايا أمته وكان يسعى جاهدا ومن خلال موقعه الصحفي لتسليط الضوء على قضايا المظلومين و المستضعفين و تحديدا في الجغرافيا الإسلامية التي إستباحها الأمريكان في أفغانستان والعراق .
تعود قوة الأمم إلى جملة من العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهذه العوامل سنن كونية ثابتة، وكل من أخذ بها أخذ بدرب النجاح الدنيوي والتفوق الحضاري، وقد كان سلفنا متيقظين لذلك، ولا سيما في علاقاتهم مع الروم، فالروم أمة لها حضارتها، قد تُغلب،ولكنها بعد غلبها ستغلب، قال تعالى يذكر هزيمة الروم: (غُلِبَتِ الرُّومُ) (الروم:2)
تُعتبر الصحراء المنبع الثرّ والمنهل الغزير لمفردات اللغة العربية ، ولمصطلحاتها المختلفة ، الذي نهل منه اللغويّون ودوّنوا مصنفاتهم المختلفة في النحو والصرف وعلوم اللغة الأخرى . ويعتبر البدويّ المصدر الموثوق الذي أخذ عنه هؤلاء العلماء واعتمدوه واستشهدوا به ، ومن يراجع معاجم اللغة العربية يجد ذلك الأثر واضحاً جلياً ، فهناك بيت البدويّ وأدواته ودوابه وشِعره وأراجيزه ، وقد أخذت في هذا المقال أداة من الأدوات التي استعملها البدويّ في حياته البسيطة المتواضعة وهو الحبل الذي يشدّ به بيته ويربط به دابته ، وهذه بعض الأمثلة :
خضم حرب الخليج توجه الإعلامي الفرنسي برنار بيفو إلى المستشرق الفرنسي المعروف جاك بيرك قائلا : " أمامك ثلاثون ثانية كي تقول للفرنسيين ما إذا كان القرآن أداة حرب أم لا " ( 1) ، بهذا الابتسار المتعمد بقيت لقرون صورة الإسلام في الوجدان الغربي ترسم . وبشكل عام يعد ملف العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب من أخطر الملفات التي تواجه المثقف المسلم وصانع القرار المسلم على السواء .
إن التطور إذا شابته المغالاة و الاندفاع إلى المخاطرة.. فإن علينا أن ننتظر سلوكا آخر يأتي لتصحيحه هذا ما اقتنع به الفيلسوف جيان بياجيه في كتابه بين التطور والسلوك،وهو قول يحمل الصدق لما وصلت إليه الحضارة الغربية اليوم.. فالإفراط و المغالاة في استعمال العقل أفضى إلى الجنون الحضاري الذي عليه حاضرا الغرب.. كما حرف سفينة التقدم عن مسارها الطبيعي، وجعلها تأخذ وجهة مجهولة.