تي خراب الحياة الاجتماعية من خراب القيم التي تسود فيها، ومن القيم الفاسدة أن الحياة غابة، وهي صراع بين القوي والضعيف، فعليك أن تكون شرساً مع الآخرين، وأن تتمثل بصفات الجبارين المعتدين حتى لا تؤكل، فإما أن تكون ذئباً بين ذئاب الحياة، أو تكون فريسة لتلك الذئاب، فلا مكان للضعفاء في الأرض، ولا رحمة ولا قانون عند الأقوياء، ومهما كانت الحملان وديعة وبريئة، فإن هذا مما يغري الذئب بالسطو والاعتداء، فعليك في قانون الغابة أن تكون مفترساً حتى تسلم من أذى الأشرار، قال زهير:
ومنْ لا يذدْ عن حوضهِ بسلاحه يهدمْ ومن لا يَظلم الناسَ يُظلمِ
سؤالان يبدوان كما لو كانا كل ما تخلف من رماد برجي مركز التجارة العالمي ، فسؤال : " لماذا يكرهوننا ؟ " الذي تردد في الخطابين السياسي والإعلامي في الغرب يكاد يلخص الحالة التي أعقت زلزال الحادي عشر من سبتمبر . وبقدر ما كانت الإجابة التي تبناها الكثير من كتابنا تبدو غير مقنعة للعقل الغربي بقدر ما حملت تساؤلا اتهاميا يلخص مرارتنا من سياسيات غربية مزمنة يعد " العداء " الوصف الوحيد القادر على تلخيصها فتساءلنا بدورنا : " لماذا يعادوننا ؟ "
كل المقاييس التي يعتمد عليها خبراء الإستراتيجيا تشير إلى أنّ الولايات المتحدة الأمريكية مقبلة على سقوط حضاري وسياسي ممّا يمهّد لبروز قوى أخرى ومنها القوّة الإسلامية , وهذه المقاييس في غاية الدقّة إذ تستند إلى مؤشرّات واقعيّة معاصرة , وإلى مؤشرّات تاريخية تتمثّل في إستكمال الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية للدورة الحضاريّة والتي تمتّد بناءا على إستقراء شبه كامل لمدّة خمسة قرون – وقد بدأت النهضة الغربية وتحديدا قبل خمس قرون و مازالت مستمرة إلى يومنا هذا - , وكل هذه المؤشرّات الواقعيّة والتاريخيّة مردفة بالإجماع الشعبي العربي والإسلامي والبشري المناهض للسياسة الأمريكية القائمة على نظام مختّل يخدم طرفا واحدا وهو الولايات المتحدّة الأمريكية .
حال الجزائر لا يشذ عن "حالة" العالم الاسلامي المنكوبة والبائسة ..لكن فتنة الجزائرالتي أشعل أوارها الانقلابيون منذ أكثر من عقد لا يمكن أن تضاهيها فتنة أخرى،لأن الفتنة -كما تؤكد ذلك الوقائع والشواهد-" أشد من القتل"..،والجزائرما زالت الى حد هذه الساعة تدفع الأثمان الباهضة من جراء تداعيات هذه الفتنة ..فضائح بالجملة وفضائع بالجملة، وفوضى عارمة ، وصراع رهيب بين الزمر، وجرائم ،ودماء، وانتحارات ، وفقر، وأمور مفزعة لا تصدق..وتوغل في مزيد من المجهول..ولا حول ولا قوة إلا بالله..