في عقدي الخمسينات والستينات اخذت الشعوب العربية توثق عرى اتصالها بحضارات وثقافات الأمم المختلفة وتسارعت عجلة السفر والارتحال الى ديار الغرب، وكان من ذلك ان راجت كتيبات تعليم المصطافين والمسافرين القواعد الاساسية للغات الاوروبية من قبيل (تعلم الانكليزية في خمسة ايام بلا معلّم) وما زالت تلك المطبوعات تحظى بالذيوع والانتشار حتى يومنا هذا, لكن لم يكن من المتصور حقا ان تصبح النظريات السياسية ذات الجذور الفلسفية العميقة الممتدة في الفكر الانساني لقرون وقرون قابلة للاستيعاب والهضم في دقائق معدودة، غير ان هذا ما حدث ويحدث بالفعل هذه الايام بالنسبة لأنصار المذهب الليبرالي في الكويت!
عجيب أمر أولئك الغربيين الذين ملكوا العالم بسطوتهم أو كادوا، وعجيب تضامنهم أمام الأمم الأخرى، فعندما يختطف أحد رعاياهم أو يتعرض لأذى فإن العالم يقوم كله لهذا الحادث، ووسائل الإعلام جميعها تصرخ وتزمجر، وتهتز دولته غضباً، ويصبح حديث المسئولين فيها، وتبذل الجهود، وتقوم المفاوضات السرية حيناً والعلنية حيناً آخر، كل هذا من أجل مواطن واحد من أبناء تلك الدولة.
تنادي بعض الأنظمة العربية منذ سنوات بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وهي الدعوة التي طالب البعض بتفعيلها عقب زوال النظام الفاشي في العراق ، كما حاول النظام السوري الاستناد إليها في مواجهة الضغوط الأمريكية كواحد من الاستحقاقات التي تبدو مترتبة منطقيا على زوال " الصديق اللدود " الذي قاسم النظام العراقي لسنوات ادعاءاته وجرائمه . ورغم أن للدعوة الرسمية العربية وجاهتها فإنها تأتي في سياق السعي لإنقاذ أنظمة الحكم العربية المهددة من الداخل والخارج على السواء لا في سياق إنقاذ مستقبل الأمة المهدد بالاستبداد ، ولو أنصفنا لاعتبرناه أحد أسلحة الدمار الشامل .
عندما يقبل الليل و أنت على مقربة من القطب الشمالي و بينك وبين العالم العربي مسافات كواكب ونجوم , يصبح لهذا الليل نغمة مغايرة و ايقاع فريد من نوعه خصوصا عندما يكون هذا الليل مصحوبا بهدوء يشبه هدوء أهل القبور , وظلمة حالكة ممزوجة ببرودة تنخر العظام نخرا , الليل السويدي هو لوحة سوداء مغرقة في السوريالية و التشاؤم ,في ذا الليل بامكانك أن تصير ما حلى لك أن تصير , فلك أن تصير متصوفا مستغرقا في العشق الألهي
قد يتبادر إلى الأذهان على أن التعبئة الشاملة التي يقوم بها المحسوبين على جبهة ابن افليس بحجة ديكتاتورية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ومطالبته استخدام جبهة التحرير الوطني مطية من أجل غرض انتخابي.. هي بالدرجة الأولى تخدم ابن افليس كمرشح للرئاسيات.. ومن ثمة تكون جبهة التحرير الوطني قوة سياسية بديلة لحزب السلطة بحكم أنها تحوز على الدعم الشعبي القاعدي وتنطلق من فضاءات الديمقراطية .. لكن الحقيقة عكس ذلك لأن التصدع الحاصل وانفراد علي ابن افليس على مجامع المعارضة داخل جبهة التحرير الوطني الأم مؤشر قوي على اضمحلالها في الفترة القادمة لعدة اعتبارات:
يوجد حتماً في فسحة التأمّل الحالية ما يمكن الاصطدام به بقوة عبر قراءة ما خلف السطور وليس ما بينها لأنَّ الرسالة هذه المرَّة لم تعد بالحبر السري وهي أصلا ليست بحاجة لأن تكون كذلك فقد سقطت الأقنعة جميعا ، هذه المرة لن نعرِّج على ما ظهر من مواقف أصبحت متوقعة ومعلومة سواء من الكذّابين الديموقراطيين الأوروبيين أو من الإمبريالي العالمي الوحيد أو من رأس حربته في العالم وهو الكيان الصهيوني طبعا أو حتى من منظومة المأخوذين بالرُّعب حتى النخاع فيما تبقى من أطرافٍ هنا وهناك إلا من رحم ربُّك