هو السؤال الأكثر مرارة وخيبة، ليس لأنه يحمل في معناه العام المفترض تلمّس الحلولً للمشكلات، بل لأنه أصبح موضة اليوم وكل يوم، والوصفة المفضّلة لغسل الضمائر من أدران الشعور بالعجز..
ونحن في لجّة أحداث الانتفاضة الباسلة، نرقب من بعيد مجريات الأحداث، نحزن، ونتحسّر، نمتلئ غيظاً وقهراً لكننا نحتسي القهوة، ونتفرّج على المحطّات التلفزيونية العربية الأخرى بما فيها من تسلية وإثارة.. وخلافه.. بعدها نتناول الطعام، نلعب مع أطفالنا، وننام مع زوجاتنا..
وحتى لا تقتلنا ضمائرنا، نجلس في منتدى، أو في مقهى، ونتساءل بحماسة منقطعة النظير:
نفترض افتراضات غريبة بالمفهوم المنطقي للأمور و في كثير من الأحيان تكون مجتزأة ثم نتوقع من الآخرين أن يسلموا بها كما لو كانت مسألة رياضية من كتاب الصف الأول الابتدائي. لم نحاكم الفرنسيين بأكثر مما يطيقون؟ لم نلومهم على معاملة عرب فرنسا و مسلميها كلقمة سائغة، في حين أنهم - العرب و المسلمين - يشجعونهم على ذلك بانعزالهم و قلة حيلتهم.
كنا بانتظار الجواب الكبير على موعد مع الانتقال إلى ما هو خارج الركام الكثيف بنقطة إضاءة ولو كانت نقطة واحدة فقد كان من الممكن لها أن تكون كافية إلى حين ، وخشينا أن لا يكون هناك جواب كأقسى ما يمكن أن نتوقعه من النتائج مثلا ، ولكن ما كان يدور بخلدنا جميعا يا أبا فادي أن يكون الجواب على هذه الصفة ولا على هذه الحال البشعة ولو لم تكن في ارتباط مباشر بينهما.
الكويت وماليزيا والإمارات وتركيا ومصر ولبنان وغيرها هي البلاد التي تطرقت لإبداع بعض أبنائها ، فالمسلم أحق بالاحتفاء والانتفاع بإبداع أخيه المسلم من سواه من الناس لأن رابطة الإسلام أقوى وأبقى من الروابط الأرضية الفانية ، والشاعر المسلم يقول في هذا المقام :
أبي الإسلام لا أب لي سواه إن افتخروا بقيسٍ أو تميم
وليسمح لي القارئ العزيز بأن أتابع معه نماذج جديدة من إبداع إخوة وأخوات يستحقون منا كل تقدير وامتنان :
يعرف القاصي والداني أن الولايات المتحدة الأمريكية بمنطق الإمبراطورية الرومانية تحكم سيطرتها وهيمنتهاعلى العالم. بل ويتعدى ذلك إلى النجوم والكواكب أيضا. فمن ذا يعترض أو ينفي ذلك؟ فلو أرادت أمريكا إنشاء قواعد عسكرية على القمر أو المريخ مثلا فمن يمنعها؟ لو أرادت طلاء القمر بألوان البيبسي كولا أو المارلبورو أو حتى بلون الدم فمن يقول لا؟
فلننزل الآن إلى الأرض. ما من أحد يتحدث عن شأن داخلي أو خارجي أو حتى شخصي إلا ويعرج في حديثه إلى الولايات المتحدة أو رئيسها. لقد أطاحت وسائل الإعلام معنويا برؤوس كل قيادات العالم وأبقت على رأس رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. فيكفي أن تذكر كلمة "الرئيس"the President لتعرف أن المقصود هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دون ذكر اسم البلد.
سامع صوت المكن الداير
بيقول لينا كفاية مزلة
نفس الصوت اللى في حلوان
بيقول صح النوم يا محلة
مصطفى زكي
حين كنا طلبة على مقاعد الدراسة في مارس 1975 حدثت انتفاضة المحلة وكنا نتابع أخبار المحلة وسمعنا عن أسماء قادة كبار للطبقة العاملة مثل شوقى أبو سكينة وحمدي حسين وغيرهم من القادة النقابيين والعماليين الذين نفخر بهم وبنضالاتهم المشرفة. ومنذ ذلك التاريخ أصبحنا نتابع أخبار المحلة الكبرى قلعة الصناعة المصرية كمدرسة نضالية كبيرة في تاريخ الحركة الوطنية والعمالية تعلمنا منها ولا نزال الكثير من الخبرات المتميزة.