تتعدد المنافي بالنسبة للروح الإنسانية على وجه العموم، والروح العربية على وجه الخصوص.
ولنعرف أولا ماهية الروح:
هي ذلك الشيء الخفي الذي يتألم داخل إطار الجسد الذي تحكمه ماديات الحياة ويحكمه عقل قد تشكل فى الإنسان منذ عهد الصيد والقنص بالحربة والحجر الى عهد الصيد والقنص بالصواريخ الموجهة والأقمار الصناعية و لكن بقي شيء واحد يحمله الإنسان منذ بدايته حتى الأن لا يستطيع التخلص منه تلك الأنانية التي يحملها بين جنبيه وتطغى على تفكيره وتصرفه حينما بات من المؤكد ان يظهر معدنه فى فترات متفاوتة كلما تسلح بالقوة يريد ان يقتنص اكثر ويمتلك اكثر بغض النظر عن تركه مساحة ولو ضئيلة لغيره ليصيد فيها، ليسد رمقه.
حين كنت في طريقي إلى الكلية أدرت مفتاح المذياع لأستمع إلى أخبار الصباح,وإذا بي أسمع تسجيلا لتصريح أحد وزراء الخارجية العرب المجتمعين وقتها في تونس للتشاور حول القمة العربية المرتقبة ,وكان التصريح جوابا عن سؤال عن الموقف العربي من المشروع الأمريكي للشرق الأوسط الكبير, حقيقة لست أذكر من التصريح إلا الجملة الأولى منه لأنها كانت ذات دلالات عجيبة أشغلتني عن متابعة بقية ما قاله الرجل, كل ما أذكره أنه قال بنبرة منبرية: ( نحن ... لا نقبل)!!كانت الـ(لا) قد خرجت من فيه بطريقة جعلتني أتوهم أن مخرجها من قاع الحلق لا من طرف اللسان والشفة كما يزعم اللغويون!.
بعد أسابيع تمر الذكري العاشرة لجريمة الإبادة الجماعية التي شهدتها دولة رواندا في العام 1994 ، ولعلها مشيئة الله التي أرادت أن يسبق هذه الذكرى صدور قرار تعيينك رئيسا لـ " المجلس القومي لحقوق الإنسان بمصر " وهو القرار الذي نكأ الجرح ودفع لفتح هذا الملف ، فأنت أحد الذين يتحملون المسؤولية عن وقوع هذه الجريمة ليس فقط لتقصيرك في أداء مهام منصبك كأمين عام للأمم المتحدة - حسب تقرير للأمم المتحدة نفسها - بل قبل ذلك بسنوات .
هاجس الناس وحديثهم في الجزائرهذه الأيام منصب فقط حول إستحقاق 8 أفريل القادم..ذلك أن التلاسن والتراشق الكلامي بين المترشحين والرئيس إرتفعت وتيرته، بل إن تهافت المشهد الإنتخابي بدأ منذ شرع بوتفليقة في تطبيق إستراتيجية "الصدمة والترويع" ضد خصومه..وكثير من الناس صاروا سكارى ومخذرين من إستعراضات بوتفليقة لمجموعة إنجازاته، ومن وقع التلفزيون الذي صار يتقن كل نظريات التأثير النفسي..فهل هذا كفيل -فعلا- بمبايعته لعهدة ثانية..؟
إذا كان الحديث عن الذكريات حديثا ذا شجون,فلا تثريب علينا أن بسطنا القول فيه,ولم لا؟ والذكريات حصيلة حصاد سنين العمر بحلوّها ومرّها,إذ تتراءى مشاهدها أمام أعيننا في كل حين نخلو فيه إلى أنفسنا متحررين من عقال صخب الحياة المادية وإسار ضجيجها المتلاطم. وحين نُصنّف تفاريق الذكريات إلى ذكريات مؤلمة وأخرى مفرحة ,فإننا في عملية التصنيف هذه ننساق بلا شعور إلى إصدار أحكام جائرة عليها,فنظن واهمين أن الذكريات السعيدة تبعث في القلب روحا من البشر ووهجا من الفرح,وعلى العكس من ذلك تكون الذكريات الحزينة!وتغدو هذه الظنون حقائق مسلمة لا تقبل النقض ولا الاعتراض لدى كثيرين ممن يقفون في روز الأمور وسبر الفهوم عند بادئ الرأي وأوائل الفكر.