*) ما يهمنا هنا والموضوع يخص الثقافة العربية ، ان هذه الثقافة التي يفترض بها أن تكون العنصر المؤسس والداعم والمؤيد والحامي للهوية العربية بعامة والعروبة الثقافية بخاصة بكل ما تمثله من قيم ومثل وسلوكات موروثة ، قد أخذت تتعرض لتحديات ومخاطر بدأت افرازاتها تطفو على سطح الواقع العربي ، ويخشى مع استمرارها أن تشكل مشهدا لا يمت قلبا وقالبا الى العروبة بكل ابعادها .
لطالما نشأنا وترعرعنا على أن "اليهود" يتصفون بالجشع والبخل والجبن وبحبهم الشديد لجمع المال بمختلف الطرق. لقد عشنا دهرا من الزمان ننام ونصحو على هذه النمطية التي أثبت الزمن خطأها وأسقطها الواقع المعاش في فلسطين وخارج فلسطين. نرى اليهود في العالم متضامنين ومتكافلين فيما بينهم ويدفعون بسخاء لدعم كيانهم في فلسطين. يدفع أغنياؤهم بسخاء وتكاد تبرعاتهم تصل إلى البلايين. ولا ننسى شعار الوكالة اليهودية "إدفع دولارا تقتل عربيا". (فـأين منظمات حقوق الإنسان من هذا الشعار حاليا؟) فأموال اليهود في أمريكا وفي أوروبا هي التي بنت وتبني المستعمرات في أرض فلسطين التاريخية وتهود القدس وتغير معالم الأراضي المحتلة. سيطروا على وسائل الإعلام والإنتاج السينمائي في مختلف أنحاء العالم وذلك، في المقام الأول، للترويج للمشروع الصهيوني وديموقراطية الكيان الصهيوني المهددة من جيرانها العرب. ونحن في المقابل، فلسطينيون وعرب على السواء، نختلق كل الأعذار كي لا ندفع فلسا واحدا في سبيل الدفاع عن وجودنا فضلا عن الدفاع عن حضارتنا وثقافتنا.
تحدثت أمس بحرقة عن الـ12 مليار ريال التي يحرقها المدخنون السعوديون سنويا، وأعرف أن من يقومون بحرق ذلك المبلغ الضخم يعتبرون أن المسألة تستأهل، فالمهم عندهم هو أن السيجارة تجعل المزاج رائقا والأعصاب هادئة، طيب هناك كذا مليار آدمي على وجه الأرض لا يدخنون ولا يعانون من انفلات الأعصاب والتوتر.. بعبارة أخرى فإن السجائر هو الذي يسبب التوتر والنرفزة، بمعنى أنه لو لم تكن أو تصبح مدخنا لما جعلك الحرمان من التدخين عصبيا،.. ولأنني أعرف أن الإنسان بطبعه يضيق بالوعظ والنصائح، لأنها تعطيه الإحساس بأنه مقصر أو قاصر وأن الناصح أو الواعظ يقوم بدور "الوصيّ"، فإنني أقول للمدخنين إنني صاحب تجربة ضخمة في مجال التدخين، وقد كتبت عشرات المرات عن أنني بدأت التدخين بنوع من التبغ يُزرع عندنا في شمال السودان، رائحته أسوأ من رائحة الجورب (الشُرّاب) المحترق، ثم مررت بطفرة حسبتها حضارية واستخدمت سجائر ينتجه مصنع محلي، وكنت طوال استخدامي لذلك السجائر أصاب بالسعال الدجاجي ست مرات في السنة
تأخرت الطائرة التي كان من المفترض أن تقل زوجين سعوديين إلى مدينة بيشة، فرمى الزوج يمين الطلاق على زوجته في المطار،.. وشخصيا أستطيع أن أتفهم مدى ودرجة انفلات الأعصاب الذي يسببه طول الانتظار في مطار أو عيادة أو دكان حلاق.. فلأنني أحترم المواعيد فإن إخلال أي طرف بها يجعلني على درجة عالية من النرفزة، ولكن لا أحسب أنني كنت سأطلق أم الجعافر بسبب خطأ شركة طيران (ما جعل الزوج السعودي يفقد أعصابه ويقرر الطلاق هو أن الزوجة رفضت فكرة العودة إلى البيت إلى حين الإعلان عن الموعد الجديد للرحلة)..
من الصعب الحديث عن المخطط الشاروني، القادم، أو قل: طبيعة الرؤية، المقترحة، في مسألة الانسحاب من قطاع غزة، دون ما مواجهة العديد من التساؤلات التي يثيرها مثل هذه "الرؤية"، وذلك "المخطط"؛ خاصة وأن تلك التساؤلات كانت، وما تزال، مصاحبة لعملية الجدال الشديد، على ساحة العمل الصحافي العربي, حول هذا الشأن.
من هذه التساؤلات: هل يمكن اعتبار الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، هو خطوة أولى على طريق خطة شارون: "فك الارتباط مع الفلسطينين، ومحاولة عزلهم في جزر كبيرة، عن طريق الجدار الفاصل(؟!).. وهل هو ـ من هذا المنظور ـ نوع من "تصدير" شارون لأزمة إسرائيل الداخلية إلى الساحة الفلسطينية(؟!)..
الجميع مع المفاوضات : أمريكا والاتحاد الأوروبي والفلسطينيون وسوريه وإيران ، الاّ اسرائيل ، فهي وحدها مازالت متحفظة حيالها الى إشعار آخر.
مناخ الحوار والمرونة هذا ليس سببه وفاة ياسر عرفات وتوافر فرصة للأخذ والعطاء ، كما يـقولون . ثمة أسباب أخرى تتعلق بكل طرف من الأطراف المتصارعة في المنطقة . أمريكا ، مثلا، لها أسبابها ودوافعها ، بدءا من العراق إنتهاء بلبنان ، مرورا بفلسطين وسوريه . لعل ورطتها في العراق هي الدافع الأساس لإشاعة جو من الإعتدال المفاجىء في مقاربتها لكل القضايا العالقة .
ماذا عن أمريكا في العراق ؟