مقدمة: الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونسترشده. وصلى الله على محمد بن عبد الله، رسولِ الله إلى العالمين، الهادي بإذن ربه إلى صراط مستقيم. إنّ أول ما يتبادر إلى الذهن من معنى عنوان المقال أنني سأتحدث عن حاجتنا إلى من يتصدّق علينا. وهذا في الحقيقة خِلاف المراد، وإنما المقصود بيان حاجتنا إلى أن نتصدق على الناس، وليس البحث عن صدقات الآخرين علينا. جاء الإسلام إلى الدنيا، على يد الرسول الأعظم، محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو يحمل إلى البشرية -الضائعة في تيه الحياة- جميعَ المعاني السامية، والتشريعات الحكيمة، والأخلاق الفاضلة، التي تهديها بعد ضياع، وتوحّدها بعد تفرّق، وتصلح شؤونها الدينية والدنيوية على السواء. فنجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد صحّح مفاهيم كثيرة كانت مغلوطة لدى العرب([1])، كما وسّع دوائر مفاهيم أخرى، ليتسع ميدان السباق، للمتسابقين إلى الخيرات، ويتسع أفق الوعي بين المسلمين([2]). وكان من بين المفاهيم التي عمّمها ووسعها -عليه الصلاة والسلام- مفهوم الصدقة، الذي كان مقصورًا على إعطاء الغنيِّ الفقيرَ بعضَ المال. وهذا المعنى الضيّقُ للصدقة، هو المسيطر على عقول أكثر المسلمين في زماننا. وعليه، فإني سأتكلم عن معنى الصّدقة في اللغة وفي الشرع، وعن فضلها وأهميتها، وعن مجالاتها، وعن أنواعها، وعن أفضل حالاتها، وعن فضل إخفائها، وأختم بالحديث عن عمومها وشمولها. أولًا- معنى الصدقة، لغة وشرعًا: لو تأمّلنا الكلمات التالية (الصّدق، والصَّدَاقة، والصَّدقة، والصَّدَاق)، لوجدناها ترجع إلى جذر لُغوي واحد هو (صدق). قال ابن فارس: "الصَّادُ وَالدَّالُ وَالْقَافُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى قُوَّةٍ فِي الشَّيْءِ قَوْلًا وَغَيْرَهُ. مِنْ ذَلِكَ الصِّدْقُ: خِلَافُ الْكَذِبِ، سُمِّيَ لِقُوَّتِهِ فِي نَفْسِهِ، وَلِأَنَّ الْكَذِبَ لَا قُوَّةَ لَهُ، هُوَ بَاطِلٌ. وَأَصْلُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ شَيْءٌ صَدْقٌ، أَيْ صُلْبٌ. وَرُمْحٌ صَدْقٌ. وَيُقَالُ: صَدَقُوهُمُ الْقِتَالَ، وَفِي خِلَافِ ذَلِكَ كَذَبُوهُمْ. وَالصِّدِّيقُ: الْمُلَازِمُ لِلصِّدْقِ. وَالصَّدَاقُ: صَدَاقُ الْمَرْأَةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقُوَّتِهِ وَأَنَّهُ حَقٌّ يَلْزَمُ"([3]).
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30
إني أعلم ما لاتعلمون؟ غيب قداسته مطلقة! يختص به المولى تعالى في طيات غيبية بلا حدود يستخرج المعنى مدققا نتائجه في ضوء رصد علاقتها بأسبابها سبحانه جل في علاه!
وتتبع خطوة القرار الإلهي خطوة إيضاح تبين ملامح ذلك الغيب غير المدرك أو المتصور، إنه أمانة العمران وما يتبعها من مسؤولية تجاه كل الخلائق في تكريم واضح وصريح للإنسان، فقال تعالى:
{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } الإسراء70
لقد انطلق الاختيار الرباني من الأوسع المغيب إلى الأضيق الواقع في تعاكس للأصلح الذي يُصّدره التمكين بأسباب القوة والمنعة وفق النهج الإلهي بعد التخيير الذي اختاره الإنسان طائعًا وختمه خالقه بصفتين أساسيتين في الطبع البشري الجمعي (ظلوماً جهولا!)
"وفقا لأحدث الدراسات تبين أن نسبة المبدعين والموهوبين من الأطفال من سن الولادة إلى الخامسة من أعمارهم نحو 90% ، وعندما يصل الأطفال إلى سن السابعة تنخفض نسبة المبدعين منهم إلى 10%، وما إن يصلوا إلى السنة الثامنة حتى تصير النسبة 2% فقط. مما يشير إلى أن أنظمة التعليم والأعراف الاجتماعية تعمل عملها في إجهاض المواهب وطمس معالمها مع أنها كانت قادرة على الحفاظ عليها بل تطويرها وتنميتها".
أمرٌ عجيبٌ حقاً لماذا تسير هذه النسبة بصورة عكسية على غير المأمول والمتوقع، أليس من المفروض أن تزداد نسبة المبدعين والموهوبين كلما كَبُرَ هؤلاء الأطفال ؟!
لاشكّ أن لكل منا العديد من الأمنيات والآمال ومن الكثير من الطموحات, ولاشكّ أيضًا بأنّ كلًا منا يتطلع نحو الأفضل ويسعى للحصول على أكثر مما لديه, فهذه هي طبيعة جميع البشر. وهي الفطرة التي تظهر بجلاء بشكل أو بآخر حتى في مرحلة الطفولة وتتجلى في حبّ الطفل للاقتناء، حيث بإمكاننا أن نلاحظ بما لدى الطفل منذ نعومة أظفاره من حبّ الاقتناء؛ لذا فهو يطالب والديه بما لدى غيره من الأطفال سواء أكان ذلك من الألعاب، أو الملابس، أوالنزهات، أو غير ذلك من وسائل اللهو والترفيه. وبأنه قد يُظهر بعض الغيرة أو قد يتولد لديه شعور بالقهر إن لم يحقق له والداه ذلك.
ونادرًا ما قد نصادف من ليست لديهم أية آمال أو طموحات حتى ممن تقدمت بهم سنين العمر، صحيح أن الزمن لابدّ أن يُقلّص جميع ما قد يكون لدينا من آمال ومن طموحات, وصحيح أن طموحاتنا وآمالنا قد تتضاءل وتصبح أقل إلحاحًا مع مرور السنوات وبأنّ حماسنا وسعينا لتحقيقها قد يتناقص، لكن الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن لكل منا وفي كل مرحلة من مراحل الحياة، طموحاته وأمنياته.
حتما نحتاج إلى وقت كي نستوعب المشهد كله، المشهد الذي أظهر نوابا برلمانيين أوكرانيين يتعاركون بالأيدي و يتقاذفون الشتائم و أين؟ داخل و تحت قبة البرلمان الأوكراني. حتما الكل استغرب من هكذا تصرف يأتي من برلماني مثقف و عصري. و الكل استغرب و بشدة لما سمع سبب العراك. السبب الذي يرجع إلى محاولة البرلمان سن قانون يُرّسم اللغة الروسية كلغة رسمية للبلاد.
الوطنية يدعيها أي واحد و ينتسب إليها حتى الخونة و العملاء و لكن البعض القليل من تمشي في عروقه الوطنية و تعيش فيه. الوطنية ليست مجرد تسميات و ألقاب و مظاهر، الوطنية أفعال و مواقف، الوطنية أن تدافع عن ثلاثية الوطن ( الأرض، الدين، اللغة ) بكل ما أتاك الله من قوة.
هل توصل المرء إلى تعريف دقيق للفساد ولمُسبباته؟ وما هو الأسلوب الأفضل لمعالجة الفساد بجميع أشكاله؟
للفساد أوجهه المتعددة؛ فهناك الفساد السياسيّ الذي قد يتفشّى في الأجهزة الحكومية، وهناك الفساد الإداري الذي قد يتفشّى في المؤسسات والإدارات العامة، لكن مما لاشكّ فيه، أن أسوأ أشكال الفساد هو الفساد الأخلاقي!
قد يكون بالإمكان إصلاح الفساد الذي تفشّى في الأجهزة الحكومية؛ بأن يتم إجراء التعديلات في الأنظمة والدساتير, وقد يكون بالإمكان إصلاح الفساد في الإدارات العامة؛ بإجراء التغيرات، وبمساءلة وبمعاقبة وبإبعاد عناصر الفساد, لكن ليس من السهل جدًّا إصلاح الفساد الأخلاقي, رغم أنه الفساد الأخطر الذي من شأنه أن يُقوّض المجتمعات، وهو الفساد الذي يُصيب النفوس والذي يتغلغل فيها أشبه بمرض عُضال قد يصعب على أمهر الأطباء معالجته والقضاء عليه،
كيف ومن أين يبدأ الفساد الأخلاقي؟
الصفحة 86 من 433