ربما يكون من نافلة القول أن نشير هنا إلى أن الحضارة العربية - الإسلامية في تاريخها الطويل قد تعرضت ولاتزال إلى عدد هائل من محاولات النقد والاتهام، أو الإهمال والاستدبار، أو التشويه والتآمر، وذلك على نحو لم يحدث مثله لأي حضارة في تاريخ البشرية جمعاء. لذلك نود تصنيف الأبحاث التي تقدم حول الحضارة الإسلامية من داخلها وخارجها إلى مجموعتين كبيرتين، نتناولهما بإيجاز شديد: - أبحاث حول ماوصلنا بالنقل. - أبحاث حول ماأنتجناه بالعقل. أبحاث حول ماوصلنا بالنقل: نقصد بها الأبحاث التي تهتم بدراسة الكتاب والسّنة، وهذه الدراسات تسعى إما إلى إثبات صحة هذين المصدرين الأساسيين للتشريع الإسلامي أو بطلانهما. وكما هو معروف فقد حاول الكثير من الناس على مر
أكان داوود قتل جالوت؟ إن احتقاناً تعانيه أمة الإسلام يملأ رأسها أبخرة في دلالة قاطعة على تهيج لأغشية السلامة لديها يبشر بعاصفة عطسية متواصلة يُطلقها أنفها المزكوم لطرد ما علق بداخله من مثيرات! وفي كتاب الله الكريم نماذج لأوضاع متشابهة يمكن إسقاط واقع الأمة عليها والاستفادة من حلوله المتقنة للتعامل مع النفوس وفق سنن الله سبحانه وتعالى ومنها قوله تعالى في وصف لحالة من الحالات التي مرت ببني إسرائيل.
الإنسان لم يُخلَقْ للهزيمة. إرنست هينجواي
حينما ننظرُ إلى الوجودِ نجدُ أن الإنسانَ أكمل مخلوقاتِ الخالق، و لأجل كماله هذا جعلَ الخالقُ له في هذا الوجودِ كلَّ شيءٍ مُسخَّراً. كُلَّ شيءٍ طَوعَ إرادته إذا أراده صادقاً و جَدَّ في الحصولِ عليه. و هذا معنى التسخير. هذا المعنى لا يُمكن معه أن يكون الإنسانُ في حالِ هزيمةٍ أبداً. لا من حيثُ الإمكانيات المُسخَّرةِ ولا من حيثُ ما يبذله هو. فهزيمةُ الإنسانِ في هذا الوجودِ لا تكون بسببِ استحالةِ الأشياء، فالمُسخَّراتِ لا تكون مُستحيلاتٍ. و إنما هزيمته بسببِ ذاته هو. فلو كان قد بذل كلَّ شيءٍ أمكنَه أن يبذله، وقدَّمَ كلَّ ما يقدِرُ عليه لبلغَ ما يريده، و لا مستحيلَ في هذا الوجودِ مما هو مُمكِنٌ للمخلوقٍ، إذ المُستحيلُ على المخلوقِ ما كان من شأن الخالقِ.
كانَ منظرُها يجْلِدُ بصيرتي كُلما تعثّرتْ بيَ الخُطوات على أرصفةِ تِلك المدينةِ المنْسيّة، مدينةٌ تعْتاشُ على الجوع وتَتَسربَلُ بالفاقَةِ وتعايش الحرمان، مدينةٌ تَشهقُ الذُلّ وتزفُر الضَنَك، أراني أنقادُ جبرًا إلى حيثُ الزاوية المُتربة القذرِة التي تحتويها مع طِفلها العليلِ الشاحِب. ولستُ أدري سِرّ هذا الإقبال على تِلك المخلوقةِ البائِسة، ولا خفايا غَشَيانيَ الدائب لرُكنها التعِس، فالسلائِقُ جَرَتْ أنْ نَفِرُّ مِمّا يُنفّر، ونزوغُ عمّا يُؤثّر، وفي العادة نصُمّ آذاننا عن كلّ صُراخ يؤذي أسماعنا ونُغلق عيوننا دونَ كلّ مشهدٍ يجرَح أنفسنا.
إن رحمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تقف وحدها معجزة.. وليس أدل على ذلك من ذهابه ماشيًا على قدميه إلى الطائف التى تبعد عن مكة حوالى تسعين كيلو مترًا بعد وفاة عمه، فى شوال من السنة العاشرة من البعثة، ومعه مولاه زيد بن حارثة؛ ليدعو قبائلها إلى الإسلام، وهم لا يستجيبون له، وما كان من موقف سادة ثقيف وأشرافهم معه من رفضهم دعوته، ويأسه -صلى الله عليه وسلم- من خبرهم.
أقام صلى الله عليه وسلم بالطائف عشرة أيام يدعو أشرافها وأهلها إلى الاسلام حتى جابهوه قائلين: (اخرج من بلادنا)، وأغروا به سفهاءهموعبيدهم، يسبونه ويصيحون به، وقد قعدوا له صفين على طريق خروجه، فأخذوا بأيديهم الحجارة، فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلا
في قصة نبي الله يوسف عليه السلام الكثير مما يُتذكر ويُذكر. هنا لمحات عن نساء كنّ حوله، نساء مختلفات، كنّ {... طرائق قددا}، منهن الصالحات، ومنهن دون ذلك.
أم يوسف، أين أنت؟
نجد غيابا شبه تام للأم في قصة سيدنا يوسف -عليه السلام- في القرآن الكريم رغم أن الأم أكثر من يُفجع بغياب الابن. لكن هذا لا يعني أنها لم تكن موجودة، بل التركيز في السورة كان على الأب وعاطفته وأمله ورجائه في أن يكون ابنه نبيا مثله، وترقبه للزرع أن يستوي، وللثمر أن يينع فينطلق بذكر الله والدعوة له. ويعقوب -عليه السلام- في سورة يوسف لا نراه أبا فقط، بل نراه نبيا يعول على استمرار النبوة من بعده. فالسورة لم تذكره فجيعته كي توثّق ألمه وحزنه على فقد ابنه، بل لتوثق فجيعة شخص رباني يتوجع لفقد فرصة لإصلاح البشرية وتنويرها.
الصفحة 82 من 433