اللغة العربية اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، ولأنها اللغة التي بلّغ بها رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الإسلام رسالته السمحاء إلى العالم. وأنا أعتقد أن تدريس اللغة العربية مهم جدًا، فهي تكتسب أهميتها من أنها المفتاح لفهم الإسلام العظيم، أي فهم كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -.
ربما يعتقد العرب الناقمون على الوضع العالمي ،أن الولايات المتحدة USA لن تمتلك مستقبل سكان المعمورة في الخمسين سنة القادمة وأنها سيدة العالم إلى حين ظهور قوى عالمية جديدة، لكن الحقيقة أن الولايات المتحدة تملك المستقبل وتملكه بكل واقعية وهي تتمسك بهذا الحق بكل قوة. وهذه الهيمنة لا يهددها أي خطر محتمل حتى لو اتحدت كل دول العالم وشنت حربا عليها، وحتى لو نشبت حرب أو عدة حروب أهلية على أراضيها بين الولايات أو الجبهات الأمريكية، فالولايات المتحدة تبقى ودول العالم تزول وهذا بسبب أنها تملك أكبر قوة نووية تفجيرية في العالم.
الشريعة الإسلامية شريعة غراء، شريعة ربانية كاملة متكاملة شاملة، شريعة متوازنة صالحة لكل زمان ومكان ولكل البشر على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم، شريعة جاءت وهدفها الأول والأخير إسعاد العباد وتحقيق مصالحهم والمحافظة عليها، ودرء الأضرار والمفاسد عنهم، فهي شريعة إنما وضعت لإقامة مصالح العباد في المعاش والمعاد في العاجل والآجل.
منذ بداية دراستي للشريعة والقانون وأنا أسمع تساؤلاً يثار بشكل مستمر حول مصطلح مبادئ الشريعة، ماذا يقصد به أهو نفسه أحكام الشريعة، وإذا كانت مبادئ الشريعة ليست هي أحكام الشريعة، فما الفرق بين كلا المصطلحين؟!
لقد برز هذا التساؤل كثيرًا في الفترة الأخيرة، خاصة بعد الثورات العربية، إذ إن الحاجة باتت ملحة لسن دساتير جديدة تتلاءم مع مطالب الثوار، وإبان إعداد هذه الدساتير يطول النقاش رسميًا وإعلاميًا عن المقصود بمبادئ الشريعة التي غالبًا ما يُنَص في الدساتير العربية على اعتبارها مصدرًا رئيسياً من مصادر التشريع. ولذا وجدنا من الأهمية بمكان كتابة مقال يوضح المقصود بأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها والفرق بين المصطلحين، وسنتولى ذلك على النحو التالي:
ترق الدنيا الى أي غاية سموت إليها فالمنايا وراءها
ومن كلفته النفس فوق كفائها فما ينقضي حتى الممات عناؤها
ـأبو العتاهية –
قول ج.لويس ديكنسون:"العدالة قوة، وإذا لم تستطع أن تخلق شيئاً؛ فإنها تستطيع على الأقل أن تدمر، ومن ثم فإن السؤال الذي يواجه المستقبل ليس هو السؤال هل ستنشب ثورة؟ وإنما هل ستكون هذه الثورة نعمة أم نقمة". يحاول رجال الدولة الوطنية أن يزرعوا فينا الاعتقاد بالديمومة للوضع الراهن، وهم مخلصون لنا في عملهم من أجل حماية الأرض،ثم يتمسكون بمبدإ السيادة على وحدة الأرض التي يشترون الأسلحة من أجلها. لكن الحقيقة أن قيام دولة جديدة ليس بالعيب الذي تراه الدولة الوطنية خطرا عليها؛ بل بالعكس فنحن لا ننكر أن التاريخ يقدم لنا بعض الشرعية في حكمهم لنا؛ لكنه لن يكون أساس الحكم، ولقد حاول الكثير من الرجال والنساء طرح قضية الوحدة العربية للعالم العربي وقدموا أرواحهم في سبيل ذلك باسم الإسلام وباسم القومية العربية، ويرى المثقفون أن ظهور دول جديدة في الجغرافيا العربية الأفروسيوية هو تفكيك للوطن الذي لا نستطيع تعريفه التعريف اليقيني الذي يجعلنا نشعر بالارتياح له؛ فالحكومات الوطنية تحاول أن تجعل لها تاريخا خاصا وبأحداث عرضية غير مهمة في التاريخ العربي الحقيقي، و قد تكون هذه الأحداث تتعلق بانقلاب عسكري بسيط يتحول إلى عيد وطني تحت مسمى الثورة، ومناسبة تاريخية تخدع الشعب المغلوب على أمره، وفي حقيقة الأمر هذا الانقلاب هو مثل حادث سير في الطريق لن يغير في التاريخ قيد أنملة، ونحن نعلم أن خرائطنا الجغرافية رسمها الرجل الأبيض الذي قسمها مثلما كانت المصلحة الاستعمارية بين الدول الأوربية، ثم تشكلت الصراعات بعد استقلال معظم الدول العربية وظهور الدول الوطنية، والغريب في الأمر أن رجال الحكومات الوطنية لازالوا يرجعون إلى الأرشيف الأوربي في حماية هذه الأراضي، ومنهم من يقدم البترول رشوة من أجل اعتراف الرجل الأبيض بحدودهم الأرضية (البترول مقابل المشروعية).
أحيانًا تحاولُ ألاّ تكتب، تحاول أن تلزم الصمت، أو الحياد بلغة العامة، ولكنّك تشعر بدافع كبير، يشدّك من لسانك، ويدفعك للحديث، كما يدفع بك الظمأ السير للماء! وهناك من تكون حاجتهم للحديث أشدّ من حاجتهم للماء؛ لأنّ الحياة عندهم تكون بمقدار ما يفعلون لا بمقدار ما يشربون.
إنّ الذين لا يستمعون للحديث، ولا يروق لهم التفكر والتدبر في مظاهر الحياة ومواقفها اعتادوا دون شكّ أن يعيشوا لذاتهم، فيفكروا فيها فقط، ويحلموا لها، ويعملوا وفق ما تشتهي، لا وفق ما ينبغي. أولئك اعتادوا أن يسيروا عكس التيار دائماً، ويعتقدون أن الأمر كله يملكونه. وأنّ الدنيا حبالها بأيديهم، يشدونها متى شاؤوا، يخلون سبيلها عندما يطيب لهم ذلك.
ولن أستقصي كثيرًا، فالداء الذي استوطن عقولنا يأبى الرحيل، وقلوبنا في حالة رقص، أشدّ ما يكون الرقص جنونًا، ولا يكون ذلك وفينا قليل من عافية، أو ضمير نسمح له أن يقول كلمة الفصل!
الوليدُ الجديدُ في مهده تراه أحيانًا يبتسم وهو غارق في نوم عميق، تسألُ نفسك: ما الذي يبعثه على صياغة هذه الابتسامة؟ هل أحسّ أن أحدًا داعبه أو لامسه أو أشار إليه إشارة لم يستطعْ أن يعبر عنها إلاّ بالابتسام؟!
وقد تراه أحيانًا يصرخُ باكيًا دون مقدمات، يفاجئك بصوته، فيقطع عنك لذّة نومك، ويسرقك من أفكارك إن كنت مستيقظًا، وقد أوهمك أنه نائم مسافر عنك في لذّة النوم السحيق ... وأنت أمام ابتسامته أو بكائه تقفُ حائرًا إن أردت التعليل، وربما ترضى فتقنع نفسك أن حلمًا جميلاً تراءى له في نومه فابتسم، أو حلمًا مزعجًا مرّ به فتظلّمَ بالبكاء! وستنفقُ وقتًا طويلاً دون طائل إذا حاولت أن تجيبَ نفسك؛ هل الأطفال في سن الأسابيع الأولى يحلمون كما نحلم؟
وكيف يحلمون وهم لم يعايشوا غير مجموعة صغيرة من الأصوات المبهمة التي ترتفع وتنخفض من حولهم، ومجموعة من الصور التي تحضر حينًا وتغيب حينًا آخر، أو مجموعة من نسمات هواء الحياة التي يأخذون منها ما يقيم حياتهم، ويتركون خلفهم حياة صاخبة تقوم ولا تقعد، وتموج ولا تهدأ، وتثرثر ولا تسكن، وتعمل ولا تتعب.
الصفحة 58 من 433