غمغمات مُغتمة، وجعجعة كبيرة تصلصل في آخر عامين أو ثلاثة، وها هي تزداد اليوم مع تعاظم موجة الأعمال الأدبية التي لا تصل إلى الحد الأدنى من الجودة التي يتوقعها الوسط الثقافي. ورغم صعوبة تعريف الحد الأدنى للجودة، وصعوبة تحديد تخوم الوسط الثقافي، إلا أن المراقب سيشعر باستياء، ليس في هذا الوسط وحسب، بل حتى في أوساط أخرى لا تقرأ الأدب بالضرورة، لكن من يهمها أمرهم (أبناؤهم مثلا أو طلابهم) يفعلون. هذا ليس مقام التبرّم، وليس مقام العويل، هذا مقام التشخيص.
س: ما هي الأعراض؟
ج: أعمال أدبية مكتوبة بالعامية الفجّة، أو بلغة فصحى متواضعة وأحيانا سوقية ومليئة بالأخطاء اللغوية. القضايا ضحلة وعاطفية في معظمها، والمعالجة الأدبية ركيكة. باختصار، شروط العمل الأدبي معدومة أو تكاد. هذه ليست ظاهرة جديدة (هل نسيتم روايات عبير مثلا؟)، ولا يجب أن تثير قلق أحد إلا إذا علمنا أن هذه الأعمال تنال شعبية هائلة، شعبيةً لم تنلها الأعمال الرصينة قط!
لأننا عرب تقبلنا هذا الدين وكلفنا به وسفكت دمائنا من أجله ،لهذا نجد الجاحدين لحقوقنا يجعلون من القومية العربية باب من أبواب العنصرية إلى أن نتهم بالكفر ،ولا يفرق الأعجمي الذي يحسدنا على هذه الدماء النقية بين العربي الذي كان في الجزيرة العربية بين البادية والحضر الذي تحول داعية الى هذا الدين ويرميه بالتخلف ونسى بأننا أصحاب الرسالة الألهية وهذا في قوله تعالى (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7))الآية 7 سورة الشورى تلك القبائل المتناحرة في الجاهلية يبعث فيها نبي عربي لا يجيد القراءة ولا الكتابة ، ولا تمر ثلاث وعشرون سنة حتى تتشكل دولة أسلامية لم يعرف التاريخ مثيل لها ،تلك السنوات التي لم يختلط فيها الدم العربي بالأعاجم كانت سنوات النقاء بين العرب ، وكانت شمس الحكمة تجعلهم أبطالا وملوك وأمراء لم يكن في تلك الحقبة داعي لتفسير القرآن فالكل يفهمه بالسليقة ،لكن الأعاجم من الفرس تطاولوا على العروبة يقول محمد عمارة في كتابه الإسلام والعروبة (فالشريعة الإسلامية ، التي نزل بها وحي الله ،فقد نزلت على محمد بن عبد الله : العربي ....معجزة هذا الدين وآيته الكبرى ،وهي القرآن الكريم جاءت بلسان عربي مبين .....بل وعلى محو من البلاغة والإعجاز جعل محاكاتها مستعصية على بلغاء العرب ،على مر التاريخ كما جعل فهمها ووعيها وفقهها مستعصيا بأية لغة أخرى غير العربية ،فإذا كانت ترجمة معاني القرآن مجدية في فهم بعض هذه المعاني ،فان ترجمة نصه إلى أية لغة أخرى يشوه هذا النص ويذهب بما لألفاظه من معان ودلالات وإيحاءات )1 ويعرف
كلنا قرأنا كتاب نيتشه عندما أراد أن يستبدل الإنجيل وقتل الإله الباطل الذي في صفحاته، مع احترامي لكل مسيحي يعتقد بالثالوث، مع احترامي لمعتقد المؤمنيين، فأنا لا أحمل أية ضغينة للمعتقدين بوجود إله؛ لكن لم أعرف بأن المسيحيين الأوربيين قتلوا المسيح كذلك في 1095 عندما نادى البابا أربان الثاني بإنقاذ بيت المقدس، من المسلمين هل كانت هناك جماعات إسلامية مقاتلة؟ بالطبع لا. وهل في الإنجيل ما يوحي بأن القدس مقدَّسة عندهم؟ بالطبع لا. لكن الحروب الصليبة انتهت لكن للاسف عقلية الرجل الأبيض لم تتغير، فهاهو يعيد الفعلة الأولى ليسيء لنبي المسلمين، هذه الشخصية التي عاشت بالفعل ولم تشوَّه مثلما شوِّهت شخصية المسيح، فأنا عندما كنتُ ذلك الشاب الثانوي بحثتُ عن المسيحية ككل مسلم يقرأ الكتب حاولتُ فهم المقدَّس، وهل يعبد هؤلاء الأوروبيون الله الذي كنت أحبه من خلال نصوص الأحاديث النبوية؟ قرأت الإنجيل رغم أنه كان ممنوعًا في بلدي إلا أن المبشرين كانوا يبعثونه عبر البريد، وحتى رجال الدين ـ لاحترامهم للاخر المسيحي ـ لم يكونوا يحرقونه بل كانوا فقط يصادرونه؛ لم يلفت انتباهي إلا جملةٌ في كل الإنجيل، وهي: (عندما
في مقالة لجي. بي. بيرس بعنوان (العلم والأدب) اشتكى في مجلة (العلم) (عدد 20 نيسان عام 1951م) أن قلة جدًا من قصص الخيال العلمي المعاصر تحتوي فعليّا على أفكار علمية. وقد اعتبر بيرس أنّ المسؤول عن هذا العجز هو سياسة جون كامبيل في التحرير في مجلة (الخيال العلمي المذهل بشدة) في نشر الخيال، الذي كان همه الرئيس هو البحث في تأثيرات الاكتشافات المحتملة على المجتمع والأفراد البشريين، وادعى أنها "خدمت كمبرر للتدهور المستفحل للب التقني والعلمي الواقعي في كثير من الخيال العلمي".
الشتاء بستان الطائعين، وربيع المؤمنين، وغنيمة العابدين، وروضة المتقين، وميدان المجتهدين؛ كان ذلك لكونه يتميز بنهاره القصير وليله الطويل، فهو فرصة حقيقية أمام المسلم للتقرب إلى الله تعالى بالصيام والقيام وجميع أنواع العبادات، والمؤمن بحق يحرص على استثمار كل دقيقة من وقته، ويُوظف كل ذرة من عمره وأنفاسه في طاعة ربه، ولا يترك فرصة سانحة أمامه لتحصيل مثوبة من الله تعالى إلا ويغتنمها، ولا يترك باباً من الأبواب الموصلة إلى رضا الله ورضوانه إلا ويلج من خلاله،
والشتاء باب خير من الأبواب التي تعين المسلم على الحصول على مرضات ربه تبارك وتعالى، فالمسلم يقدر فيه على الطاعة
بيُسر الصيام والقيام؛ حيث يقل فيه الجوع والتعب؛ فالنهار قصير والليل طويل.
"كتابان في الشهر هما الحد الأدنى للثقافة". هكذا تخبرك بعض العبارات الهائمة الحائمة في الإنترنت. كتابان في الشهر؟ هكذا؟ بكل ثقة؟ بثقة طبيب متمرّس يصرف وصفات الدواء وهو موقن بالتشخيص وبنجاعة العلاج. مازلنا نتجادل في تعريف الثقافة، ثم يأتي أحدهم ليعطيك الحل السحري؛ عليك تجرّع كتابين في الشهر على الريق مع شيء من القهوة.
أنا مستعدة لسحب كلامي بل وشجبه إذا أتاني أحدهم بدراسة علمية منشورة في دورية مُحَكَّمة تثبت أنهّ عينة ما دُرست، وتبين أن كتابين في الشهر كانا الحد الأدنى للحصول على الثقافة، وأن هذه العينة "تمثيلية" ويمكن تعميم نتائجها على شريحة أوسع من الشريحة. أمّا المقولة أعلاه فهي والله أعلم رأي انطباعي من أحدهم، وصل به الصلف مبلغه كما وصل بالعطار أو حلاق القرية الذي يصف العلاجات ولا يبالي!
الصفحة 57 من 433