كثيرا ما يسألني أولادي قائلين يا أبانا متى نعود إلى الجزائر وطننا الذي ولدنا فيه ..متى نرى جدتنا فريدة التي كانت تتحفنا بالهدايا تلو الهدايا ..فأجيبهم بصوت مكسور ..مبحوح أحيانا , يا أولادي أنتم بلا وطن , أبوكم في حد ذاته لا يملك وطنا ,منذ شرع في الكتابة و الإبداع وهو يدفع ضريبة التنقل من وطن إلى وطن بحثا عن وطن.
معذرة يا أولادي …لقد حرمتكم من الوطن …ولست أدري أين سترسو سفينتكم في نهاية المطاف …لا تحلموا بالعودة رجاءا , إلى أين نعود !
منذ خمسة قرون بدأ المد الغربي يجتاح العالم شمالا وجنوبا وشرقا في موجات متلاحقة من الهجرات البشرية بدأت باحتلال ما سمي " العالم الجديد " في الأمريكتين واستراليا ثم في موجات من الاحتلال الاستيطاني لعل أشهرها جنوب أفريقيا . ومع اقتسام العالم بين القوى الاستعمارية الكبرى أصبح هناك نموذج متكامل يتخلص به الغرب من مشكلاته بتصديرها خارج حدوده :
عندما تمنح القلم حياتك و تجعله نبراسك في الحياة تكون قد أمسكت بكل أسباب النجاح ,فالحياة ليست غنيمة مادية كما يريد كثيرون الاعتقاد به .ان الذي يعطي معنى للحياة و يرسم أبعادها الحقيقية انما هو الفكر والثقافة و بعبارة أصح القلم .
من الأفكار الشائعة التي يفرض علينا الدرس العراقي إخضاعها للمراجعة والتقييم الهادئ فكرة انهيار الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي أمنية طالما ألبست ثوب التحليل السياسي وقرنت بما يفترض أنه أدلة قاطعة وروج لها الكثير من المحللين العرب ، . . أرقام مربكة عن العجز والدين والبطالة والأزمة الاقتصادية القاصمة التي ستأتي لا محالة ، فضلا عن التركيز في صورة أمريكا على الإباحية والخلل الديمغرافي وارتفاع مستوى الجريمة و .. .. . وربما منذ أزمة فيتنام والفكرة تطرح بصياغات مختلفة في الديباجات متفقة في الجوهر .
يعيش العالم الإسلامي اليوم وضعا معقدا ومربكا في كل تفاصيله , وقد أصبحت الجغرافيا التي تدين بالإسلام من طنجة وإلى جاكرتا ووصولا إلى روافد العالم الإسلامي في معظم القارات عرضة للإحتلال المباشر وغير المباشر عسكريّا وسياسيّا و إقتصاديّا وثقافيّا وأمنيّا , وقد كان الإعتقاد السائد أنّ العالم الإسلامي قد ودعّ وإلى الأبد الحركة الإستعمارية التوسعية الغربية والتي أرخت بظلالها علىعالمنا الإسلامي في القرن الماضي , والتي كانت سببا رئيسا في تراجع المشروع النهضوي والتنموي الإسلامي , كما كانت السبب في إنتاج نخب علمانية أتاحت للفكر الكولونيالي في كل أبعاده السياسية والثقافية والإقتصادية أن يستمر محركا لتفاصيل الدولة الحديثة المستقلة إسما وشكلا .
تدعّي الولايات المتحدة الأمريكيّة أنّها لجأت وستلجأ إلى الحروب الإجهاضيّة والوقائيّة من أجل نشر الديموقراطيّة والحريّة في الدول المحرومة من التحرّر وحقّ إتخاذ القرار والمشاركة في صناعة الخطوط الكبرى للدولة , وينطبق صدر البيت الشعري العربي يعطيك بطرف اللسان حلاوة , تماما على الولايات المتحدة الأمريكية التي باتت أفضل من يجسّد الهوة الساحقة بين النظريّة والتطبيق .