عبد الله المغلوث زعلان لأن هناك حيا في مدينة المبرز في المنطقة الشرقية بالسعودية يحمل اسم خسارة، وفات عليه أن الكثير من مدننا وبلداتنا مجرد وجودها على الخريطة "خسارة" لأنها أقيمت بدون دراسة جدوى تماما مثل الدول التي نجمت عن تفكك الاتحاد السوفيتي، وتحمل كل واحدة منها اسم جمهورية في حين أنها في واقع الأمر إقطاعية.. في أول زيارة لي لمدينة جدة أحسست بأنني أستطيع أن أتعرف على جغرافيتها بسهولة لأنها في معظمها حسنة التخطيط، ومن نوع المدن التي تحبها من أول نظرة، وتحبها أكثر عندما تتعرف على أهلها.
فجأة تصدر لفظ "الجنجويد" المشهد الإعلامي العربي والعالمي بغرابته التي احتاجت التفسير فجاء التفسير ليكرس الإحساس نفسه، وانطلاقا من الأجواء المثيرة نفسها أطلق موسى هلال زعيم الجنجويد تحذيرا ينبغي التوقف عنده طويلا(حوار بجريدة الاتحاد 3 – 8 – 2004)، إذ قال: "دار فور ليست الأندلس". وهو بذلك إنما يشير إلى شعار يرفعه بعض المتمردين يدعو لطرد العرب "الغزاة" من أفريقيا ليعودوا من حيث جاءوا وهو أحد أدبيات عديدة يطمح مروجوها لطرد العرب من أفريقيا كما طردوا من الأندلس، فطالما أمكن طردهم منها بعد ثمانية قرون فلا يوجد ما يمنع من طردهم من السودان – أو القارة كلها – بعد خمسة عشر قرنا!!!
يخطئ من يتصوّر أنّ حالة الإنقلاب صفة ملازمة للفعل السياسي في المشهد العربي العام , حيث درجت العادة أن تنقلب زمرة من الجنرالات على زمرة أخرى , أو زمرة من الضباط ورجال المخابرات على السلطة السياسية .
هذه الإنقلابات أو العسكريتاريّا التي طبعت حياتنا السياسية منذ أزيد من نصف قرن تقريبا , فغير الإنقلاب العسكري والسياسي هناك ما يسمى بالإنقلاب الثقافي حيث ينقلب المثقّف أو شبيه المثقّف أو المثيقّف على منطلقاته الإيديولجية و الفكرية و المفاهيمية وأسسّه المعرفية . وهذا و إن دلّ على شيئ فإنمّا يدلّ على هشاشة المبنى الفكري لقطاع كبير من مثقفينا الذين تأرجحوا في آرائهم وأفكارهم وإنتقلوا من النقيض إلى النقيض , كما تفسّر هذه الهشاشة عدم إنتصارنا في المعارك الحضارية الكبرى التي خاضها وما يزال يخوضها واقعنا العربي .
لا شك في أن للكاتب اليومي فؤاد الهاشم شهرة واسعة داخل الكويت وخارجها ، فهو يعرض وينتقد مختلف قضايا الساعة بقلم ساخر وأسلوب ساحر ساهم بتنوير العقول تجاه العديد من الشخصيات والمؤسسات والأنظمة ، إلى جانب مساهمته في حل عشرات – بل مئات – المشاكل الإنسانية التي كانت تنتظر التفاتة المسؤولين وفاعلي الخير الكرام إليها.
ولأن الأستاذ الهاشم يمثل كل ما سبق للكثيرين كان لابد من متابعة ما يصدر عنه فزاويته أصبحت – وبلا مبالغة – من وسائل صياغة الرأي العام للعديد من القراء الأفاضل ، ومن هذا الباب كانت لي الملاحظات التالية لخطورة ما تضمنه مقاليه المؤرخين 19/11 و 21/11/2003 (1)
لا شك في أن ابتعاد الحياة المعاصرة من حولنا عن الإسلام في جوانبها الاقتصادية والإعلامية والاجتماعية وغيرها ، يحدث نوعاً من التناقض بين القيم والمبادئ التي يؤمن بها المسلمون و بين المخالفات التي توجد في تلك الجوانب من حياتنا .
والناس من حولنا ينقسمون في مواجهة هذا التناقض إلى الأصناف التالية :
كتب الأستاذ عبد الله المغلوث في "الوطن" السعودية مقالا خفيفا ولطيفا عن "خسارة" تكبدتها الأحساء، التي هي من أجمل مناطق المملكة العربية السعودية وأكثرها خصوبة وبحبوحة،.. والـ"خسارة" التصقت بحي يقع في قلب المبرز "أبرز" مدن الأحساء... يعني الحي اسمه "خسارة"... وأول ما لفت انتباهي بعد قراءة الموضوع هو أن الدكتور غازي القصيبي كتب عن المبرز آلاف المرات بوصفها مرتع صباه ومهد معظم ذكرياته، ولكنه لم يأت على ذكر "خسارة"، ولا شك عندي في أنه فعل ذلك عامدا متعمدا حتى لا يتحول ذلك الاسم إلى ذخيرة في أيدي من ظل يجلدهم بأشعاره الهجائية الإخوانية وعلى رأسهم الراحل المقيم يوسف الشيراوي والشاعر طويل اللسان والباع عبد الرحمن رفيع، على الجانب الآخر من جسر الملك فهد و"ضحاياه" العديدون من أبناء السعودية.