في واقع الأمر السلطة الجزائرية لا تعي بشكل جلي أبعاد اعتماد قانون يقولب الأسرة بالقالب التغريبي المعلمن.وإن كنا نفهم مرامي هذا الانسياق المدروس ،نحو توظيف قانوني يأخذ الجانب المهم من المجتمع كعربون رضا الآخر الخارجي على حساب أجيال لاحقة ،وعلى حساب ذاكرة أمة عرفت رغم الأعاصير والرجَّات بأنها عصية على الخلخلة ،كما يصعب التعامل معها بالتحايل،أولي الأذرع .لو نتذكر ما نطق به الفريق محمد العماري منذ أكثر من عامين ،على أن الأصولية انهزمت عسكريا وهو تلميح لما كان يسمى الجيش الإسلامي للإنقاذ الذي
"فتش عن القوى الكبرى في كل أزمة".. ترى، هل تنطبق هذه المقولة على ما يحدث، راهناً، في السودان بصفة عامة، وفي إقليم دارفور على وجه خاص(؟!).
لعل المدخل إلى الإجابة على هذا التساؤل، هو ملاحظة: أنه عقب صدور بيان من الكونغرس الأمريكي (في: 22 يوليو الماضي)، يعتبر أن ما يحدث في الإقليم، إقليم دارفور، هو حرب إبادة عرقية، طالب أعضاء الكونغرس إدارة الرئيس بوش بالتحرك لاستصدار قرار من مجلس الأمن، يفوض الأمم المتحدة استخدام قوة متعددة الجنسيات للتدخل في الإقليم من أجل: "المدنيين المشردين وعمل الإغاثة هناك"(...).
كما يحدث في القصة المشهورة لمدينة ( طروادة ) حين اختبأ بعض الجيش الغازي لها في تمثال خشبي ضخم تركوه خارجها ، فظنه أهل المدينة من مخلفات ذلك الجيش واعتبروه غنيمة حرب لهم وأدخلوه لمدينتهم ! فماذا كانت النتيجة ؟
خرج الغزاة من قلب التمثال الخشبي ليلاً وفتحوا أسوار المدينة الحصينة أمام الجيش الغازي الذي عاد لمشارفها سراً ، فكانت المفاجأة وكانت الهزيمة لأهالي طروادة الغافلين .
ـ 1 ـ
إذا حقق العمل الفني قصة قصيرة أو رواية أو غيرها من الأعمال شروط إبداعه الفني ، الذي يجعل منه عملا مؤثرا وأثرا خالدا ، فإنه يمكن الحديث عن شعرية بدايته أو استهلاله أو افتتاحيته ، فإذا بدأ الكاتب عمله ببداية صحيحة أو موفقة فيعني هذا أننا أمام عمل يستحق القراءة .
يرى صبري حافظ أن "البداية عادة ما تكون أصعب أجزاء العمل ، وأنها تستنفذ جهدا يفوق ما يبذل في أي جزء مساو لها من حيث الحجم ، وتستغرق أكثر من غيرها من حيث التفكير والتنفيذ على السواء " (1) ومع ذلك لابد من الحذر لأن البداية يمكن أن تكون " الباب الذي ندلف منه إلى عالم النص الرحب ولكن من الممكن في الوقت نفسه أن تصبح الجدار الذي يصرفنا عن الدخول إلى هذا العالم ويصدنا عن محاولة الولوج إلى ما وراء حائط البداية الأصم " (2) غير أن جذب القارئ إلى داخل العمل القصصي هو أهم وظائف لبداية ، أو على الأقل الوظيفة الأولى لها ، يقول الناقد ديفيد لودج : " مهما يكن التعريف الذي يضعه المرء لبداية رواية ما ، فإنها تمثل عتبة تفصل العالم الواقعي الذي نعيش فيه عن العالم الذي يصوره الروائي ، وعلى ذلك فإنها ينبغي ـ كما يجدر لبقول ـ أن تجذب القارئ إلى داخلها "(3) .
مع حلول الذكري الخامسة للانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في 28 ايلول عام 2000، ما يزال الشعب الفلسطيني صامدا أمام أعتى قوى الشر والدمار في هذا القرن. لقد بات الشعب بمختلف مكوناته وفصائله الوطنية والإسلامية أكثر مضاء وتصميما على المضي في طريق المقاومة وإصرارا على استمرار الانتفاضة رغم الخسائر والتضحيات والآلام الفادحة التي ينزلها هذا العدو الغادر بأبناء شعبنا بكل وسائل الفتك والبطش على مدار اليوم بل على مدار الساعة. لم يحد هذا الشعب الصامد عن الثوابت الوطنية وبقي شامخا وراسخا رسوخ الرواسي الشم. ما تزال بوصلته تشير بكل عزم ومضاء إلى التحرير وزوال الاحتلال البغيض الجاثم على صدره. ومن أجل هذه الثوابت والأهداف الكبيرة قدم هذا الشعب الصابر والمحتسب الكثير والكثير وسيقدم الكثير ولن يركع ولن يستسلم. فهو بذلك تفوق ويتفوق على قيادته سواء في الفصائل أو في السلطة بدليل وحدة المقاتلين على الأرض. فترى العمليات يشترك في تنفيذها أطراف عدة من المناضلين. لطالما سمعنا أن عملية نفذها رجال من حماس والجهاد وكتائب الأقصى مثلا. وعلى العكس تماما، نرى القيادات الفلسطينية وضعت الشعب في ملهاة اسمها الحوار. نعم للحوار الجاد والحقيقي ولا للحوار كغاية. يجب أن يكون الحوار وسيلة لتضميد جراح هذا الشعب ودعما لنضاله في سبيل الحرية والاستقلال ودحر الاحتلال.
خطابان أمريكيان متناقضان إنطلقا أخيرا ليعبرا عن أمريكاتين متناقضتين :
الخطاب الأول للزعيم الديني اليميني المتطرف بات روبرتسون الذي يتزعم فرعا أصوليا نافذا في الكنيسة الإنجيلية الأمريكية .
الخطاب الثاني لرئيس الجامعة الأمريكية في بيروت الدكتور جون واتربوري.
الخطابان إنطلقا من خارج الجغرافيا الأمريكية في تاريخ واحد – الإثنين 4 تشرين الأول / اكتوبر 2004 – لكن في مكانين مختلفين . الأول لعلع في القدس المحتلة في خلال زيارة قام بها صاحبه على رأس أربعة الآف من أنصاره في نطاق حملة لدعم إسرائيل في مناسبة " عيد العرش " اليهودي وذلك بإشراف إحدى المنظمات الإنجيلية الأمريكية التي تعمل تحت إسم " السفارة المسيحية " بغرض تنظيم مؤتمر سنوي في القدس للتضامن مع إسرائيل والمستوطنين . اما الثاني فقد إرتفع بهدؤ في خلال إحتفال أكاديمي نظمته الجامعة الأمريكية في بيروت.