نحن كذرة وسط غبار كوني هائل مثقلون بمادة الجسد والزمان والمكان وباقي القوانين الفيزيائية التي لا نعي كبشر سوى أقل من عشرة بالمئة منها، باعتبار المادة والطاقة المظلمتين، ليس لنا وزن في هذا العالم، حياتنا التي تقدر ببضع أجزاء من الثانية من الساعة الكونية ليست سوى تفاصيل صغيرة ضمن منظومة كبيرة بالكاد تحس بنا، بقاؤنا أو اختفاؤنا كبشر وككوكب بل كمجرة قد لا يكون سوى تفصيل صغير لا يؤثر على السير العادي للمنظومات الكونية الهائلة.
لماذا نحن موجودون إذن؟!
هذا السؤال الذي تكرر منذ وعي الإنسان بنفسه وحاولت الديانات والفلسفات والعلوم الإجابة عنه ليس مهما في نظري، وسبب عدم أهميته إلى استحالة الإجابة عنه، أو لنقل استحالة إيجاد جواب واحد موحد له، بل إن السؤال الوجودي التقليدي المرتكز على الثلاثي من أين جئنا ووكيف نعيش وإلى أين المصير يظل سؤالا يبعث على الاختلافات التي عمقت الفرقة البشرية وضاعفت بواعث الاختلاف، لكن هناك سؤال أهم منه بكثير وهو الأهم طرحا وبحثا، وهو سؤال كيف نوجد/نعيش؟
أحيانًا يجد الواحدُ نفسَه محقِّقًا لأهداف كبيرة، مُنجزًا لأعمال عظيمة، بأقلّ جهد وأقصر وقت، وفي مرّات أخرى لا يستطيع حتّى أن يرفع اللّقمة لفمه.
لا شك أنّ الحديث الصحيح: "اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل..." في الدّعاء به قوّةٌ تستمدّ قدرةَ الله تعالى وعَونه للمؤمن لتزداد طاقته البشريّة المتقلّبة، فتعظُم بذلك إنجازاته المتأرجحة، حتى يراها النّاس من حوله خوارق، وقد يراها هو كذلك أيضًا، ومن يتّق الله يرى العَجَب.
أفلا نُصدّق أنّ صحابيًّا تعلّم لغة الرّوم في بضعة أيام وصار ترجمانًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وها قد أتى، أتى ميقات العيد الوطني لسلطنة عمان، والذي ارتبط توافقاً مع ذكرى ميلاد الراحل السلطان قابوس بن سعيد البوسعيدي في الـ١٨ من نوفمبر في كلّ عام، أسكنه الله فسيح جنّاته وأظلّه بظلّه يوم لا ظلّ إِلَّا ظلُّه.
لَمْ نَكُن لِننسى ذلك اليوم العصيب علينا لفراقه، والبهيج -كما نرجوه له- لِوفادته على من سبقه إلى الدار في جمع خَلْق الله الصالحين.
فحينما حزن العالم لرحيله، دعونا الله أن يجعله في ركب الصالحين، ونحن نحسب أنه قد حُفِظت له مكانته في مصافّ المخلصين مِنْ عباد الله في الدنيا.
كيف لا، وَقَدْ زُفت معه صحائفه المليئة بالأعمال المضيئة التي تركت إرثاً كريماً لأرضه ووطنه وأهله وناسه وكلّ نواحي السلطنة التي حفظ ترابها.
لمّا كان الشيخ محمد الغزالي رحمه الله تعالى مُحاضرًا في التفسير الموضوعي وعلوم القرآن بالجامعة الإسلامية بقسنطينة، لا تكاد تجدُ مكانًا تجلس فيه داخل المدرّج، فالواقف أكثر من الجالس، وفي الحضور الطّالب والطّبيب، والبعيد والقريب، من المنتسبين إلى الجامعة أو من خارجها، ومن خارجها أكثر.
والمشهد كأنّه خطبة جمعة، أو خطاب قائد في النّفير؛ المصوّرات والكاميرات والمكبّرات في كل جهة.
والشيخ مواظب على الحضور في الوقت، ولا يغيب، ودروسه ومحاضراته مسجّلة كلها في أرشيف الجامعة، بل حتى عند العوام.
كان رئيس المجلس العلمي، وعضوًا في لجان الفتوى، ومشاركًا في العديد من الملتقيات داخل الجزائر وخارجها، وله لقاءات تصادمية مع رؤوس العلمانيين والشيوعيين في بلدنا وقتئذٍ، في كم من موقف وملتقى، منافحًا عن الدين، ومقنعًا لمجادليه، بالحُجّة والتواضع.
إن التعليم الجيد يجب أن يبنى على أساس أنه ليس هناك شيء أبدي ومؤكد طوال الوقت وأن هناك جواب لكل سؤال. وهكذا فإن هدف التعليم هو تسليح المتعلم بالقدرة على التفكير المنطقي والتفكير الناقد والقدرة على استشراف المستقبل أي التعليم الإنساني الحق. فالمهم أن نتجه إلى التعليم الإنساني الذي يلبي احتياجات واهتمامات الأطفال والشباب الذي يركز وينصب على نمو وتطور الشخصية. وبذلك نضمن استمرارية التعلم والتعليم طيلة دورة الحياة بتوجيه ذاتي في بيئة صحية دون تهديد من أي اتجاه ومن أي نوع.
إن عملية التعلم والتعليم ليس فقط من أجل حياة أفضل أو وظيفة أفضل أو أنها كما تتبجح الحكومات على أنها ثروة وطنية ولكن يجب أن تكون هذه العملية من أجل إثراء الروح الإنسانية ونوعية الحياة ومن أجل الصحة الاجتماعية ونواة لمجتمع ديموقراطي.
إن مصطلح التعليم الإنساني عموما يستخدم لوصف مجموعة متنوعة من النظريات والممارسات التعليمية الملتزمة بنظرة العالم والقواعد الأخلاقية الإنسانية. أي المفترض هو تعزيز التنمية البشرية والرفاهية والكرامة كهدف نهائي لعموم الفكر والعمل الإنساني – ما بعد المعتقدات الدينية والإيديولوجية، أو المثل والقيم الوطنية. على أساس فلسفي وتقاليد أخلاقية قديمة من الأديان والفلاسفة اليونانيين إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وحقوق الطفل للأمم المتحدة والالتزام بالإنسانية وأكثر من ذلك يعني تبني المبادئ الأساسية الثلاثة التالية:
تعارفْنا على أنّ الماجستير بوّابة للدّكتوراه ومُرتقى لها، وأنّ الأولى رسالة والثّانية أطروحة؛ وكلاهما درجة.
وتعلّمنا أنّ الدّكتوراه لابدّ فيها من طرحٍ جديد، وإضافة مُبتكرة؛ علمية أو عملية، منهجيّة أو تطبيقيّة، على العكس من الماجستير التي لا يُطلب لمُقتحمها إلاّ مجرّد بيان قدراته وكفاءته في استخدام مناهج البحث وسيطرته على طرائقه في الوصول إلى النّتائج من مقدّماتها، والأجوبة من تساؤلات الإشكاليّة وفرضيّاتها.
كم وكم من أطروحات نوقشت، ودكاترة بارزت وبرزت عبر مُدد طويلة وسنوات كثيرة، ولكنّننا ما زلنا نستورد السيّارات !
الصفحة 8 من 433