بما أني –ولله الحمد- أتممت عقدا كاملا من عدم حضور الأعراس والأفراح والليالي الكِلاح بعدما اكتشفت أنها أسهل وأضمن طريق للإصابة بالعين، وبما أننا في فصل الصيف، وفيه تكثر دعوات الأعراس التي تعودت إلا ألبيها حتى صرتُ لا أُدعى، لكل هذا خطر لي أن أتقاسم معكم هذه الخواطر المشاكسة.
بدايةً، شهادة حق في حق إخواننا الرجال، فهم قوم عمليون، مريحون، ومرتاحون جدا؛ ولا فرقَ واضحا لديهم بين حفلات العرس ومراسم العزاء اللهم إلا في وجود "البِشْت" الأسود، الفاروق الذي به يميّز ويُفرق بين الفرح والترح! أعراس الرجال -في الغالب الأعم- بسيطة وجميلة؛ يسلِّمون ويباركون، يتصورون، يأكلون، و"چَلّوحْ مَلّوحْ، اللي يدل بيته يروح"(1)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. شيء يحقق الحكمة الإسلامية من العرس: الإشهار والإظهار (إظهار الفرح).
إن الناظرَ إلى نتاج المزيج الثقافي المجتمعي المسلم بصورته الحالية لَيرى جليًّا الحاجة لإعادة بناء الأُلفة المجتمعية، التي أصاب بنيانَها بعضُ الشروخ، وبات يؤثِّر ذلك على أمزجة الناس وسلوكياتهم، فأضحى هذا بمجمله نمطًا فكريًّا جديدًا، غريبًا على المجتمع المسلم المحافظ، بما يحمله من نتائجَ سلبيةٍ، وتناقضات قِيميَّة تؤثِّر على المجتمع في قابل الأيام.
انطلق أبو جهم بن حذيفة العدوي رضي الله عنه في معركة اليرموك يبحث عن ابن عم له، ومعه شربة ماء، فوجده جريحًا فقال له: أسقيك؟ فأشار إليه أن نعم. فسمعا رجلا يقول: آه، فأشار ابن عمه إليه؛ ليذهب بشربة الماء إليه، فذهب إليه فوجده هشام ،أخو عمرو بن العاص، ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: آه، فأشار هشام لينطلق إليه أبا جهم بالماء، فذهب إليه فوجده قد مات، فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات،
الصفحة 21 من 53