ماذا لو أعطى العرب كلهم وخاصة نحن الجزائريين -سلطة ومعارضة.. جيشا وشعبا- هذا الشهر الفضيل حقه، وتحولت عملية التقديس لـ "رمضان" إلى إلتزام حقيقي.. ووقع إنصهار عميق مع آداب هذا القادم الكريم، بعيدا عن أي مظلة، وبعيدا عن أي واجهة، أو لون، أو غطاء.. ماذا سيحدث؟
إن النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان عرفت تطورا عبر الزمن بدءا بإعلان حقوق الاستقلال الأمريكي عام 1776 و وثيقة إعلان حقوق الإنسان و المواطن التي أقرتها الجمعية التأسيسية الفرنسية عام 1789 وصولا إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة في سنة 1948.
جرّب يوما أن تطارد هرة محاولا الإطباق عليها بكفيك القويتين ,ستراوغك يمينا وشمالا ,وربما تنجح في الانفلات بسرعة البرق من تحت قدميك ,لكن إن لم يسعفها الحظ ولم تنجدها الخفة واضطرت لملاقاتك وجها لوجه فستكشر عن أنيابها الصغيرة ومخالبها الحادة وتجمع جراميزها – كما يقولون – في وثبة يائسة تصيبك ببعض الخدوش والجروح لكنها لن تكون كافية للتحرر من قبضتك (الحديدية) غير الرحيمة !!
تمرّ المملكة العربيّة السعودية في الظرف الراهن بأزمة دقيقة و خطيرة للغاية قد يؤدّي عدم التحكم في مسبباتّها إلى إنتشار الزلزال الأمني في الخريطة السعوديّة من أقصاها وإلى أدناها ولا أحد يتمنى على الإطلاق أن يحدث هذا في أرض الحرمين .
وتذكرّني الأحداث التي عرفتها المملكة العربية السعودية ببدايات الأحداث في الجزائر حيث كان الرسميون الجزائريون يتوقعون أنّ الحريق الذي أعقب إلغاء المسار الإنتخابي الذي فازت فيه الجبهة الإسلامية للإنقاذ في كانون الأول – ديسمبر 1991 محدود ويمكن التحكم فيه .
ليس من حقنا القول بأن التطرف الديني اختراع إسرائيلي صرف، وإن الإرهاب صناعة أوروبية شارك فيها المسيحيون واليهود، وإذا اعتبر التاريخ الإسلامي الحجاج بن يوسف رجلا باطشا ودمويا فإنه يبدو تلميذا خائبا لدهاقنة القتل والتعذيب في أوروبا: هتلر في ألمانيا وموسوليني في إيطاليا وسالزار في البرتغال وستالين في روسيا وفرانكو في إسبانيا،.. وعلينا أيضا أن نعدل مناهجنا الدراسية بحيث لا يرد فيها ذكر أن الولايات المتحدة هي أول دولة استخدمت أسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين وأنها الدولة الوحيدة في التاريخ التي استخدمت السلاح النووي لإبادة البشر،
بريق الثورة الجزائرية الذي خطف الأبصار وأضاء الطريق للكثير من دول العالم الثالث وحركات التحرر لعدة سنوات بعد الاستقلال ، سرعان ما بدأ ينطفئ في عقد الثمانينات، ولم يفلح القائمون على أمر الجزائرأن ينقلوا النجاح الذي حققته الثورة إلى ساحة "الدولة المستقلة" لسبب بسيط وهو أنهم لم يطهروا "الجهاز الجديد" من الانتهازيين واليساريين ودعاة الفرنسة والادماج، ولم يستمروا في تجسيد مقررات "بيان نوفمبر" بعد أن استعانوا بالتجارب الوافدة غير الصالحة.. والنتيجة فشل ذريع في كل السياسات ، وصراع مستمر بين الدولة والمجتمع، ظهرت تجلياته أكثر خلال أحداث أكتوبر 88، ومازالت فصوله وحلقاته مستمرة إلى يوم الناس هذا..
لو نرجع إلى الوراء قليلا قبل الإعلان الرسمي عن هدنة مقررة من طرف الجيش الإسلامي للإنقاذ بزعامة مدني مزراق في الفاتح أكتوبر 1997 .. نجد أن الاتفاق الذي بموجبه قد تم بين الطرفين المتصارعين .. الجيش الشعبي الوطني والجيش الإسلامي للإنقاذ كان محاطا بسرية تامة من كلا الجانبين .. بل أن النظام الجزائري آنذاك لجأ إلى حيلة ذكية جدا كي لا يحدث تشويش و ينفي أي اتصال مع هذه المجموعات المسلحة.. والتي كان يصفها بالخارجة عن القانون والمجرمة والمتعطشة للسلطة .