لا حظ عندي في الحياة ، أو فلنقل ببساطة أني أركله بنفسي من حيث أشترط أن يرتبط بخياراتي التي كثيرا ما عرفت مسبقا أنها خاسرة آملة أن أخلق معجزة تليق بي ، ولا ينقصني الغرور لأدعي أني قادرة على صنع المعجزات رغم فشلي الذريع في تحقيق أي نجاح يتناسب مع مواهبي التي يتحدثون عنها بإعجاب ظاهر أو مستتر لا يخلو من حسد دون أن أراها ! أنكر أن عنادي ذاك كان يغذي حياتي الباهتة ويمنحني لذة العشق والعطاء متعتي الوحيدة في هذه الحياة ، حيث نلت بعضا من النجاح في كل شأن آخر فصرت عازفة عن التمتع بكل جديد وصار النجاح مجرد خطوة أخرى لإثبات الذات أو الندية خالية من كل روح وفرح ، الندية ذلك المرض الخبيث الذي أصبت به منذ الصغر فساهم في تمييزي كما يزعمون ، وتبا له من تمييز !
وحده العشق يا هناء كان لعبة غير مضمونة ،ولهذا وحده صار التحدي والمحور للسباحة ضد مدارات الذات ، ومهما نجحنا لا طعم للنجاح ما لم نهديه مع قبلة لمن نحب .. وحده العشق من لا يكون دون "آخر" أو "جحيم" .
ولقد عشقت ..
آه أنت تعرفين القصة فلماذا أشغلك بهذه التفاصيل التافهة سأقفز خطوة إلى أمام فتابعيني أو اتبعيني كما فعلت دائما .
ها هو يهين أنوثتي ويصفعني بالإهمال، يطلب مني الزواج بوقاحة كدت فيها أن ألطمه على وجهه !
لقد طلب مني القبول بأن أكون زوجة ثانية بعد أن يتزوج ابنة عمه حسب ما ارتأت تعليمات عشيرته !
لا تدهشي مني يا هناء إذ أصفه بالوقاحة ولا تظني أني أناقض نفسي ، أنا لا أقيد الحب بأوراق وحبر، بل إني أظن أنه لو حدث و عشقت رجلا متزوجا فما كنت لأتراجع أو أتردد وسأتفهم ظروفه لمساعدته على خداع تلك الأخرى ما دام الحب يسيرني ويهديني متعة الحياة .. لا تحدثيني عن الأخلاق والواجب هنا ، فالأنانية بنت الحب ووحده الحب من يغير المسلم والثابت فينا .. ووحده لا يكفي رغم أنه كل شيء !
لقد أدرت له كتفي ومضيت وهو يحاول إقناعي بأنه مضطر للزواج منها ليتمكن من الزواج بي لاحقا ، أتدرين ، شعرت وكأنه تزوج علي فعلا ، فموقفي هو موقف الزوجة الأولى تماما حتى وإن كنت الثانية تسلسلا على الورق .
كبريائي لا يحتمل هذا ، فإن تطعن أنوثتي فكل فاتنات العالم تعرضن لهذا الموقف وإن أخفين ذلك حفاظا على "برستيج الأنوثة" ما لم تفضحه حوادث أخرى كحادثة زليخة وهي تهب نفسها لمن رفضها بتعفف رباني .
الأمر ليس مرتبطا بالكبرياء وحده ولطالما تحملت حماقاته وتحمل نزقي فما عاد للكبرياء بيننا من هيبة ، ولكن الطعنة هنا في تصميمي على خلق المعجزة ، في ذاتي . يحبني ؟! عليه أن يصرخ " لا " في وجه والده ومجتمعه .. عليه أن يكون نفسه ولو أظهر بعض العقوق !!
العقوق ، تماما هذه هي الكلمة !
وإن لم يكن فعليه أن ينسحب دون أن يجرني إلى تلك الإرادة الغبية ولو باسم العشق ، فلن أرضخ تحت عباءة من الغباء لأن العشق والغباء لا يجتمعان يا هناء ، لا يجتمعان !
آه ما أغبى كتابنا وكاتباتنا وهم يتحدثون عن رضوخ المرأة للرجل في مجتمعاتنا ويغضون النظر عن رضوخ الرجل لأبيه ، هل كان الكوني من قال : نحن نحب الأمهات ولكننا نعبد الآباء !
إنه لكاتب رائع ، اقرئيه يا هناء ودعك من الركض وراء مترجمات أهل النوبل و النابالم .
أنا لا أستهين بما نتعرض له كنساء من حصرنا في زاوية الجسد والجغرافيا، فأنت تعرفين بأنه لو كانت تنورتي أقصر مع فتحة بلوز أوسع لكنت نلت وظيفة مرموقة لأقدم صورة حضارية عن البلد , وآه يا بلد !
ساعديني على التركيز يا هناء وقولي أنك تفهمينني تماما لأختصر من هذري وثرثرتي عن كل شيء ، تبا لك من صامتة سعيدة !
أتدرين ، فكرت في عقاب مناسب ولكني استسخفت نفسي فلم يفعل شيئا يعاقب عليه، كل ما هنالك أنه لا يفعل شيئا وهذه بعرف العدالة والقانون لا توجب العقاب ، ثم إني للحظات فكرت أن أخون، ولكن الفكرة بدت أحقر من تناولها، فأنا امرأة الخيار الواحد !
آه كم نخطئ عندما نعمل عكس ما نريد إرضاء أو انتقاما لأحد ، هنا فقط تتحول حياتنا وتتخذ منحى مأساويا باهت الألوان .. نشتري وهما جميلا بقليل من التنازلات ، ولقد وقعت في هذا الخطأ ، عندما كنت مستعدة لإرضاء نزواته كلها حتى دون متعة مني أو اقتناع لأكون جزءا من عالمه، عشقت ما يعشق يا هناء، وقرأت حتى ما يقرأ : من سارتر إلى جاك برفير إلى أمين صالح وفاروق جودة وغيرهم وغيرهم ، وتمثلت نفسي في أحضانه كعاشقة مهووسة دائمة الاستثارة ضد البلادة والرتابة ، تعلمت مبادئ الإغراء على يديه ورقصت يا هناء كأغنية ساحرة بين شفتيه وهو يرزح تحت قيد القبيلة ، لأكتشف بأني أكثر تحررا منه ؟!
أتعلمين ذلك ؟
وإن كان لا يعترف لي بهذا ويحيل الحوار إلى غمزات جنسية في التحرر المشترك كعادتهم أجمعين يسكتون المرأة بقبلة على الشفتين فيصيبون عصفورين بحجر كما قال لي ممازحا بعد عبور عاصفة من حوار ، أعرف أنه يحبني و يشتهيني بشدة ولن يتخلى عن ملكيته لي ، أعرف هذا والله إني حتى هذه اللحظة لا أرى غيره رجلا لأنه بدوره "رجلي".
ولكني سأقصيه يا هناء ، الليلة سأرتكب خطأ يليق بمثاليتي ، وحدها من يجب أن يطعن لأتخلص منه ، سأواعد زوجك المراهق وسأغريه حتى يتشقق من اللهفة ويظن أني وقعت ثم سأصفعه وأدير له ظهري ، سأمتطيه لغايتي وأترك له أحلام امتطاء الريح ، ولا تغضبي يا صديقتي ، أنا أعالج نفسي من جنوني ، وأقسم بأني على عهدي ، لست من ربات المجون .
بالتأكيد لن أرتكب حماقة أن أرسل لك هذه الرسالة لئلا أنتزعك من سعادتك الجميلة ، وأعرف بأنك ستبكين معي غدا على انتهاء علاقتي بحبيبي وستواسيني ونقرأ من جديد عن حب يكتبنا معجزات ولا يأتي !