هل التكنولوجيا هي الإجابه على مشاكل التعليم لدينا؟



لقد انفقت الحكومات العربية مجتمعة وتنفق المليارات على التكنولوجيا التعليمية. فما هو الناتج التعليمي عن كل  هذه المليارات ؟  هل التوقعات كانت  واقعية؟ هل غيَر أو طوَر المعلمون أساليب تدريسهم مع التكنولوجيا؟ في الواقع أن التكنولوجيا قد استطاعت تحسين الاتصالات والوصول إلى المعلومات، وهذا في حد ذاته جيد. ولكن الجانب السلبي هو أننا لا نقوم بتعليم طلابنا كيفية استخدام التكنولوجيا في حياتهم الفعلية في عالم يتسم بالتنافس الحاد.
إن الإجابة المباشرة على هذا السؤال هي لا، وذلك لسببين رئيسين:
الأول، التعليم ليس مثل الأعمال التجارية
لقد كانت الفكرة هي إدخال الحواسيب في كل الفصول الدراسية على أمل أن تحدث ثورة في عالم التعليم! لقد كان ذلك هو "التعويذة" في منتصف التسعينات من القرن الماضي،  في الأوساط التعليمية في جميع أنحاء العالم. ويعتقد العديد من الخبراء، بصدق،  أن أجهزة الحواسيب، إلى حد كبير، من شأنها أن تكون العلاج الناجع لمجموع  المشاكل في قاعات الدرس. احتجوا على ذلك بأن المكاسب في الإنتاجية التي مكنتها التكنولوجيا في عالم الأعمال التجارية يمكن أن تتكرر في الفصول الدراسية. أعتقد أنهم وقعوا في خطأ كبير. لماذا؟ لأنه لا يمكننا المقارنة بين الأعمال التجارية والتعليم. ببساطة، إنهما ليسا متشابهين. انظر كتاب (إعداد الأطفال لتكنولوجيا القرن الحادي والعشرين) لمؤلفه الدكتور سعادة عبدالرحيم خليل، الذي يثير العديد من التساؤلات حول التكنولوجيا وصناعتها وتبنيها من قبل النظم التعليمية والآثار السلبية التي تتركها على تعلم أطفالنا.
الثاني، الاعتراض على التكنولوجيا
إن العديد من المعلمين والإداريين يرون الحواسيب كاختراع جديد غير مألوف لا بد من مقاومتها مهما كان الثمن. إنها تشكل خطرا على الوضع القائم المريح للعديد من المعلمين المساوي للنجاح في التدريس. ودعنا نقول بصراحة، إذا كان المعلم يقوم بالتدريس مستخدما نفس الخطط الدراسية لسنوات ويحصل على نتائج جيدة ، لماذا يجب عليه تغييرها؟ وفي حين أن معظم التربويين قد تبنوا التكنولوجيا وأدرجوها  في صلب  أنشطتهم اليومية، لا تزال هناك جيوب للمقاومة.
ومع أن الحواسيب أصبحت حاجة في مدارسنا، فهل شكلًت الحل السريع  لمشاكل نظمنا التعليمية التي نعاني منها منذ عقود؟ الجواب: لا! ولكن من ناحية أخرى أن التكنولوجيا أنجزت فعلا أمرين في التعليم وهما:
أولا، لقد أثرت الحواسيب التدريس وأساليبه
لقد حعلت الحواسيب التعلم متعة لأنها تحفز العقول الشابة. إن شبكة الإنترنت تتيح للطلاب استكشاف عوالم جديدة في الزمن الواقعي. لا يكاد يوجد موضوع لا يمكن أن يستفيد من الموارد المتاحة على شبكة الإنترنت. إن المعلمين المبدعين يشحذون أذهان وعقول الشباب. إنهم المشاعل التي تضيء عقول الصغار  وتلهب خيالهم. ومع ذلك كله ستظل التكنولوجيا دائما أداة واحدة فقط ، وإن كانت الأكبر فائدة في حقيبة المعلم..
ثانيا، لقد يسرًت الحواسيب الاتصالات وطرقها
لقد يسر البريد الإليكتروني الاتصال بين الأفراد والجماعات. ومن هذا المنطلق لقد استفاد الطلاب وهيئة التدريس من استخدام البريد الإليكتروني وذلك من خلال التبادل الفوري للأفكار والمعلومات. إنه سريع وسهل الاستخدام وفي كل زمان ومكان. وتقوم معظم المدارس الخاصة بتوفير الإنترنت والإنترانت (الشبكات المحلية) التي تضع الآباء والأمهات وأولياء الأمور في الصورة دائما وخاصة الواجبات المدرسية واجتماعات مجالس الآباء. وهكذا فإن  التكنولوجيا تجعل من السهل استمرار الاتصال مع الآخرين. وأحدث أعجوبهة تكنولوجية هي -- المدونات – حيث يمكن تدوين النشاط الصفي واللاصفي بطريقة عصرية.
إن إدراج التكنولوجيا الحديثة في البرامج التعليمية في المدارس لهو عمل معقد حقا. إنه ليس بالعمل السهل ويحتاج إلى تخطيط واستراتيجية ذات أهداف واضحة قابلة للتنفيذ. ولهذا على القائمين على مثل هذه المهمة أن يطلعوا على تجارب الآخرين ويتعلموا من نجاحاتهم وأخطائهم.. وفوق كل ذلك ، يجب اختيار المستشارين القادرين وذوي الخبرة في مثل هذه المشاريع الكبيرة. إن ذلك مسألة معقدة للغاية وتستغرق وقتا طويلا.
وأخيرا وليس آخرا، إن المعلم الموهوب والماهر والخبير في مجاله والمتحمس لعمله يبقى ويظل هو المؤتمن الوحيد والقادر على تحديد النتائج التعليمية. وهذا لا ولن يتغير أبدا. وتبقى التكنولوجيا مجرد معزز ومحفز لقدرة الطالب والمعلم كليها.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية