عندما شرعتُ في كتابة هذه المقالة كعربون وفاء لمهنة المتاعب بعد نبأ اغتيال مراسلة قناة العربية المغدورة أطوار بهجت السامرائي، أردتُ أن أبحث لأتعرف عن شئ من سيرة حياة هذه الصحافية الشجاعة الباسلة، فإذا بي أجدها قد كتبت مقالة في صحيفة "القدس العربي" قبل سنة بالضبط من اغتيالها بعنوان " كلنا تيسير علوني"
في ما اهتدت إليه التجربة الإنسانية حتى الآن، توفر الديموقراطية الآليات الأكثر فاعلية لحل التناقضات السياسية والمذهبية والمجتمعية، بشكل سلمى، وذلك من حيث أنها في جوهرها، عملية لـ "الحكم" تستهدف تنظيم ممارسة السلطة السياسية في الحدود التي لا تهدر حرية الإنسان، من حيث كونه مواطناً يتنازل عن جزء من هذه الحرية لضمان الحفاظ على الجزء الأخر.
هذا العدد الضخم يدل على أن مفهوم الإرهاب لدى الإدارة الاميركية مفهوم هلامي فضفاض واسع، ولو لم يكن كذلك لما بلغ عدد المصنفين تحت مسمى «إرهابي» هذا العدد الضخم! وهذا يستدعي من عقلاء العالم وقفة جادة في وجه هذا التهاون الذي أدى ويؤدي إلى تصفية واعتقال الأبرياء بدعوى أنهم إرهابيون من دون أن تعرف حقيقة التهم الموجهة إليهم، والأسس التي تم وفقها ترسيمهم بهذا اللقب المدمر الكريه!
تضع حادثة الإساءة للإسلام وللرسول الكريم عليه الصلاة والسلام التي اقترفتها مؤخرا الصحيفة الدنماركية " ييلاند بوسطن "، والتي شاركتها فيها صحف أوروبية واسترالية ونيوزيلاندية وغيرها، وما سبقتها من إساءات متعمدة منذ مطلع القرن الحادي والعشرين على أقل تقدير موضوع الثقافات الانسانية المختلفة على المحك. وانطلاقا، فهي تطرح سؤالاً عريضًا: هل الثقافات الإنسانية المختلفة المشارب والرؤى والاتجاهات في طريقها الى الوئام ام الصدام ؟
أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نعترف على أن هذه الرسومات الساخرة من النبي صلى الله عليه وسلم كما تم نشرها في الصحيفة الدنماركية Jyllands-Posten وأعيد نشرها في صحف أخرى لم تكن بريئة وأنها عدوانية بكل المقاييس. وأكثر من ذلك، بنشر هذه الرسوم تم الاعتداء أخلاقيا وقانونيا على حرية الصحافة والتعبير.
إذا كانت هذه الغارة الإجرامية على حمى الأمة الإسلامية يحسبها الكثيرون ضارة، ومحبطة للعزائم والهمم، فإنها على عكس ذلك منشطة، ودافعة، للوقوف مرة ثانية، شريطة أن تحضر فريضة التفكير، كرد فعل يقارع حرية التعبير، التي من المؤكد أنها ستختفي بمجرد، أن تجد ندٍّا لها، يعرُّفّها حقيقتها، ويشعرها بأن هناك ردعا صارمًا، يستمد قوته من العقيدة التي تتهكم بها هذه الحرية الساقطة، ولو اقترنت بالتعبير الحضاري الذي يدعونه زورا وبهتانا.