على عكس ما تدعيه أوساط سياسية في الجزائر إسلامية وغير إسلامية من أن مبادرة عباسي مدني السلمية التي أطلقها من العاصمة الماليزية كوالالمبور... هي مجرد مبادرة فاشلة أو هي فقط طنين ورجع الصدى كونها ملفوفة بضبابية وطلاسم ولا علم لأحد من الذين تعنيهم هذه المبادرة حسب عباسي مدني دائما ، فإن التأكيد على أن هذه المبادرة أو هي مشروع من أجل السلم والخروج نهائيا من الأزمة التي تتخبط فيها الجزائر منذ أزيد عن عشر سنوات أصبحت قاب قوسين أو أدنى من التحقيق . فعباسي مدني اغتنم فرصة تواجده بقطر ليؤكد في اتصال لقناة الجزيرة على أن المبادرة السلمية قد اكتملت وحان حينها موجها نداءه للشعب الجزائري بأن يهيئ نفسه لوضع جديد . والأهم من كل هذا هو عزمه على توجيه نداء للمجموعات المسلحة من أجل التوقف نهائيا عن العمل المسلح ،وقد يكون هذا النداء مصحوبا بإجراءات مع السلطة التي يقول عنها عباسي مدني أنها أعطته الضوء الأخضر كي يقوم بهذه المبادرة .. على رغم نفي هذه الجهة بكل هذه المبادرة.
عباسي اصبح مقتنعا بـأن التواصل مع تنظيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ قد يعطل قطار السلم عن تحقيق مقصده .. خصوصا وأن السلطة في الجزائر لها حساسية مفرطة تجاه التنظيم الإنقاذي .. وهو الأمر الذي جعله يعلن عن مبادرته السلمية بشكل فرداني وليس عليها "يافطة " تنظيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ . قد تلقى هذه المبادرة القبول والحظوة لدى السلطة مادام أنها مبادرة فردية غير مرتبطة بالأساس بالحزب المحل . وأيضا حتى لا يكون مآلها الرفض كما حصل مع "عقد روما" سنة 1995 ولو أن عقد روما كان محاطا بظروف خاصة عكس الظروف الحالية .
إن مبادرة عباسي في جوهرها مقبولة كترياق للازمة الجزائرية المتعددة الأوجه لكنها لا محالة ستصطدم بمعوقات
..أولها الاعتراف بهذه المبادرة من قبل التشكيلات السياسية التي من جانبها نفت أي معرفة لها بهذه المبادرة السلمية.. لأن الأمر سيتعلق بأسبقية الحل ، ومعروف عن هذه التشكيلات أنها تقابل أي حل من الآخر بالبرود إذا لم يكن بالرفض . فهل سيقبل السياسيون هذه المبادرة السلمية على أنها مبادرة خاصة بعباسي مدني .وهل سيتم التعاون بعد ذلك من اجل تحقيقها ميدانيا أم ستعرف الإهمال ولا يلقى لها بالا ؟ ..أما بخصوص توجيه نداءه للمسلحين كما يلوح بذلك "عباسي "، هل هناك تأكيدات على أن النداء سيلقي صدى طيبا في أوساط هذه المجموعات المسلحة ،وسيستجيبون لهذا النداء ويضعون أسلحتهم يتساءل أحد المراقبين ..؟ وما هي الضمانات المقدمة من قبل عباسي مدني لهذه المجموعات المسلحة ومن قبل السلطة للجميع ؟
وهل يدور في خَلد عباسي مدني أن نداءه للمسلحين هو تبن للعمل المسلح من دون أن يدري .. إذا ما كان له الاحترام في أوساط المسلحين وإلا فإن الفشل سيكون نصيب هذا النداء . لأن المسلحين إذا ما رفضوا التوقف عن العمل المسلح فمعناه أن المبادرة السلمية قد فشلت ولا جدوى منها .. وقد تكون هي المحك الذي يراد من عباسي مدني أن يوضع عليه،، وحسب الملاحظين السياسيين فإن هناك من يدفع بعباسي مدني نحو الانتحار السياسي ومن هذا الباب بالذات لأن المبادرة إذا ما تمت وفق ما يطرحه عباسي مدني على أن يبدأ بنداء لتوقيف العنف فهذا يعني بداهة الرجوع إلى الوراء وتحديدا إلى سنة 1994 عندما رفض التنديد بالعنف لما كانت السلطة تباشر معه برفقة الرفاق الآخرين الحوار في جنان المفتي . قد تكون مبادرة عباسي مدني الخطوة الأولى نحو ركنه سياسيا بعد أن قيل أنه يعيش حياة إكلينيكية .. فهل يدري عباسي أن المبادرة السلمية التي يطرحها قد تجعله يتوه في غياهب الطرح الإستئصالي الذي يريد توريط عباسي مدني في جعله يعترف بأن المسلحين الإرهابيين له عليهم سلطة .. فهذا سؤال افتراضي نعلم أن الدكتور عباسي مدني لا يجيب عنه لأنه مجبول على عدم الإجابة على أسئلة افتراضية .

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية