ما أطلقته بعض الوجوه النسوية المحسوبة على التيار التحرري،المؤمن بضرورة عصرنة المرأة،و الخروج بها من عصر الظلامية إلى عصر التنوير، من صيحات حول التقرير المعد من قبل منظمة العفو الدولية،والمتعلق بوضع المرأة في الجزائر عموما.أعاد للواجهة الصورة الباهتة لمثل هذه الشرذمة النسوية التي تريد أن يخضع الجميع لأطروحاتها،وينصاع الشرع لنزواتها.وكيف أن نفس هذه الوجوه التي مل سماع صخبها الناس تريد أن تكون محل إجماع الحكومة والسلطة،وتكون في نفس الآن الممثلة الشرعية للمرأة الجزائرية.التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية جاء خلافا لما تقتنع به هذه النسوة إذ اعتبر في مضمونه أن الحكومة الجزائرية مقصرة نوعا ما في ما يخص وضع المرأة.وأن هناك تساهلا من قبل هذه الحكومة حيال يوميات المرأة الجزائرية التي تعرف الحيف،وتعاني من حالات الضرب والاغتصاب.ولو تريثت هذه النسوة قليلا وتمعنت في محتوى التقرير،وقرأت ما بين أسطره لفهمت أن المغزى العام للتقرير لا يخرج ولا يحيد قيد أنملة عما تدعو إليه هي نفسها إليه.إن التقرير جاء متناغما في طياته لما تريد أن تسوقه الفرقة الفرانكومانية حول وضعية المرأة ومسألة الحقوق المهضومة،وتساويها مع الرجل،ويعتبر مدخل مناسب لكل الذين يتربصون بقانون الأسرة الحالي،الذي يراد له أن يقبر هذا العام.العنوان العريض لتقرير منظمة العفو الدولية هو "نساء بقين دون حماية في مواجهة العنف والتمييز"،لكن محتواه يشمل مضمون كبير يتعلق بتغيير الخارطة العامة للقوانين التي تحكم علاقة المرأة مع المجتمع،ويؤسس لمستقبل جديد،لا يخلو من البصمة التغريبية.ويبدو للوهلة الأولى أنه يحرص على موقع المرأة ضمن الخلية المجتمعية،كي تسهم في التنمية المستدامة،لكن في واقع الأمر وإن كان مشرحا حقا لوضع المرأة في الجزائر،تدخل سافر عن قصد في صلاحيات،من المفروض أن لا يتطرق إليها كحديثه عن قانون الأسرة وحتمية تغييره بما يتماشى والنظرة العالمية.فالتقرير يعد عند العارفين بخبايا مثل هذه المنظمات التي غالبا ما تطرح تقريراتها عن خلفية مبيتة،من أجل الوصول إلى غاية معلومة منذ البداية.ونستطيع أن نستشف من خلال هذا التقرير الخلفية الحقيقية،والمقصد العام من ورائه،عندما نعرف أن التقرير جاء متزامنا مع تقرير الجزائر المتعلق بتطبيق معاهدة الأمم المتحدة الخاصة بإلغاء التمييز إزاء النساء.مما يعني بداهة أن على السلطات الجزائرية أن تسرع في إصلاحاتها القانونية،كما عليها أن تتأقلم مع الوضع العالمي الجديد الذي يحدد المسالك العولمية،التي هي الإصلاحات الكبيرة التي تباشرها حاليا أمريكا،وتفرضها على كل دولة متواجدة ضمن الكوكب الأرضي.ولست ادري صراحة لماذا انتفضت النسوة الكريمات اللائى لا رابطة بينهن والحكومة على هذا التقرير الذي جاء من قبل منظمة مستقلة .فالغالب في مثل هذه المناسبات مسؤولية الرد على مثل هذه التقارير،تضطلع بها الجهات الرسمية لا المجتمع المدني.وكان أحرى بالحكومة الجزائرية أن تؤنقط حروف منظمة العفو الدولية،بالرد على ما تدعيه بأن الحكومة الجزائرية مقصرة في حقوق المرأة،وأنها تركت المرأة ضحية المرض والضرب والاغتصاب.ولا تترك الأمر لوجوه نسوية قد تصيب أو قد تخطئ.ومن كلف هذه الشرذمة من الوجوه النسوية بأن تكون الناطقة الرسمية باسم الحكومة الجزائرية التي تملك حسب علمنا قنوات الرد في الوقت المناسب،وتكون الوصية الشرعية عن كل النساء الجزائريات الحرائر.المؤكد أن التقرير لو جاء فيه إشارة إلى الجماعات الأصولية،أو أشار للحركة الإسلامية بسوء،لكانت نفس النسوة ممجدة لمثل هذا التقرير ولذات المنظمة،ولزادته شروحا أكبر ولعد هذا التقرير وثيقة تاريخية في مجال حقوق الإنسان.ولكن لم تفهم هذه النسوة التي كنا نحسبها ذكية مغزى هذا التقرير ،الذي يبطن مقررات على الحكومة أن تسرع في تطبيقها في القريب العاجل.ولأن قانون الأسرة الذي من غير شك أنه جاهز يحتاج فقط إلى التوقيع الرسمي ليدخل حيز التطبيق.قد تعطل تمريره على الغرفة النيابية لظروف داخلية،وربما تحتاج الحكومة إلى متسع من الوقت كي يتسنى لها تمريره دون تهريج،فالوقت عند الحكومة جزء من العلاج.وقد سبق وأن أعلنت الوزيرة المستقيلة في حكومة علي ابن افليس "بثينة شريط" أن قانون الأسرة كان مبرمجا بأن يعرض على البرلمان في السداسي الثاني من سنة2003.إن هذا التقرير من منظمة العفو الدولة التي مهمتها رصد هفوات الحكومات،جاء مذكرا،بمعاناة النساء المفجوعات إما في أزواجهن أو في أبنائهن،إذ أكد على" أن هناك آلاف النساء حرمن من العيش في جو عادي وبقين يعانين من القلق بسبب عدم معرفة المصير الذي آل إليه أزواجهن وأبناؤهن وإخوانهم و آباؤهن" وقد تكون هذه إشارة واضحة لمعاناة جزء من النساء لا يهمهن ما تطرحه النسوة المتحضرات،وما يرددنه من نغمة أن المرأة يجب أن تتساوى مع الرجل،ويجب أن يتم تعديل قانون الأسرة بالكيفية التي يكون الرجل والمرأة على قدم المساواة.فمن العيب وغير التحضر أن يتواصى الرجل الأمي ولو كان أبا أو أخا على المرأة التي بلغت شأوا كبيرا في مجال العلم والمعارف.فالتقرير ولو أنه تجاوز اللاعقلانية،في طرحه بأن الحكومة مقصرة في حماية المرأة لأن الحقيقة لو سلمنا بها لقلنا أن الرجل نفسه مقصرة الحكومة في حقه،وليست المرأة فقط.بيد أنه وضع إصبعه على الجرح الذي تريد الحكومة والنسوة على حد سواء التستر عليه.فقضية المفقودين قضية شائكة تؤرق المرأة.خصوصا تلك التي لا تملك عائلا يعولها ويتكفل بشؤونها المعيشية.فكم من امرأة مسها ضر الأزمة وفقدت معيلها من تتسول اليوم على حواف الطرقات كي تطعم أولادها القصر.فأين غابت هذه الجمعيات النسوية التي تتسقط اللقمة من المسؤولين الحكوميين باسم المرأة،وتتملق الحكومة باسم الدفاع عنها وعن مستقبلها.متى كان وضع المرأة بخير حتى تتحدث هذه النسوة بأن التقرير فيه مغالطة كبيرة .لسنا هنا مدافعين عن تقرير منظمة العفو الدولية الذي نعلم أنه تقرير غير بريء،لكنه فاضح في نفس الوقت.غير بريء لأنه يمهد لوضع أسس متينة لتغريب الأسرة من منطلق البكاء على المرأة الجزائرية،وفاضح لأن الشرذمة النسوية اعترفت من غير أن تشعر بأن حقوق المرأة في الجزائر بخير،وهذا اعتراف ضمني بأنها لا تعرف شيئا عن وضع الجزائر.ولا تعرف بأن مثل هذه المنظمات الحقوقية لا يمكن لها أن تحشر انفها في أمر داخلي لأي دولة لو لم تكن هناك اتفاقية مسبقة

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية