النتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع الرئاسي للثامن من أبريل الجاري لم تكن لدى الغالبية الساحقة من الشعب الجزائري سوى مبايعة لعبد العزيز بوتفليقة من أجل تمكين المصالحة الوطنية الشاملة ،وتحقيق الاستقرار الذي يقضي أن تُسوَّى جميع الملفات أوَّله الملف الأمني وملف الحقوق العامة للجهة المتضررة من الأزمة . . الباقي وإذا كان الشعب قد اختار عن طواعية مشروع المرشح عبد العزيز بوتفليقة كرجل المرحلة القادمة فلأنه أدرك بحسه أن لا بديل له في كل المرشحين الآخرين ولو أقسم الجميع على أنهم بدائل وجميع الحلول ميسَّرة بأيديهم. النسبة التي حصل عليها عبد العزيز بوتفليقة أدهشت حتى أقرب المقربين منه .ولم تكن تخطر على بال المعارضين الذين كانوا يتوقعون دورا ثانيا يتم الإجهاز فيه على عبد العزيز بوتفليقة سياسيا.لكن جاءت النتائج بغير ما كان كل المراقبين والمحللين وحتى الذي أجروا عمليات سبر للآراء ينتظرونها.لقد كانت بالفعل مبهرة للجميع. إن الشعب الذي استجمع هذه النسبة لصالح عبد العزيز بوتفليقة كان داريا لكل التداعيات التي تنجر عن صعود أحد المرشحين غير عبد العزيز بوتفليقة .ولو أن تصريحات الرجل من الأول كانت تحمل الشفافية الكبيرة على أنه لن يفتح مجال الحريات كما هو شائع عند علي ابن افليس مثلا .. كما أن عبد العزيز بوتفليقة وضع عنوان حملته الإنتخابية هي المصالحة الوطنية .وهو الدافع القوي في التفاف الشعب حوله وإعطائه فرصة أخرى كما أعطيت له في استفتاء حول الوئام المدني.عدة قراءات أعطيت لفوز عبد العزيز بوتفليقة في هذا الاستحقاق وبهذه النسبة الكبيرة –أكثر من 83 بالمائة- أولا: كما سلف وذكرنا أن شعار المصالحة الوطنية وترقيتها كان الدافع القوي في تقديم الشعب ولاءه لعبد العزيز بوتفليقة في هذه الإنتخابات.ثانيا: الشخصيات التي كانت تنافسه لم تستطع توظيف شعار المصالحة الوطنية لصالحها على الرغم من أنها تحدثت عنه بإسهاب فضعفها في تقديم البضاعة السياسية جعلها تكون كاسدة يوم 8 أبريل.ثالثا: الصراع الدائر بين عبد العزيز بوتفليقة والطيف الإستئصالي مكن لهذه النسبة من الارتفاع .ومعروف عن الشعب الجزائر أنه محب للسلم وللسلام كذلك كان يرى في الزمرة الإستئصالية التي ساندت علي ابن افليس أمثال رضا مالك وسعيد سعدي قبل أن ينضم عبد الله جاب الله إلى ابن افليس وسعيد سعدي أنها يجب أن تغيب عن المخيلة الجزائرية بعد أن عاثت في الجزائر استئصالا وتشريدا.
رابعا: مساندة مدني مزراق أمير الجيش الإسلامي للإنقاذ لعبد العزيز بوتفليقة خلق جوا من الراحة النفسية لدى الشعب الجزائري على أن هناك اتفاقا سيرقى بالوئام المدني إلى مصالحة وطنية.فكانت هذه المساندة دافعا قويا كي لا تضيع الفرصة مع مرشح آخر . خامسا: أخطاء المرشحين الآخرين التي حصرها الشعب في أنهم كانوا يبرزون قوتهم بإضعاف خصمهم عبد العزيز بوتفليقة .وهذه الطريقة لم يلجأ إليها عبد العزيز بوتفليقة ولكن كان مراوغا لخصومه قاصدا فقط في كل تجمعاته مربط الفرس الذي يحبه الجميع وهو المصالحة الوطنية. سادسا: الاحترافية الكبيرة التي يمتلكها عبد العزيز بوتفليقة في إدارة الصراعات ..و نمط الصورة التي تغلغلت منذ خمس سنوات في وجدان مختلف الشرائح الاجتماعية .هذه مجمل القراءات التي غلَّبت المرشح عبد العزيز بوتفليقة في هذا الاستحقاق الذي شهد الجميع القاصي والداني بأنه كان استحقاقا ديمقراطيا فاز فيه عبد العزيز بوتفليقة بكل ديمقراطية وعن جدارة .إن الستار قد أسدل عن هذه الإنتخابات التي منح الشعب فيها ثقته وعن طواعية .. يبقى المهم في كل هذا أن لا تضيع خمس سنوات أخرى في الأدلجة والصراعات .ويفهم عبد العزيز بوتفليقة أن هذه النسبة حرارة لكتفيه كما قال " الرئيس الذي لا يملك حرارة الشعب في كتفيه ليس رئيس" وقوة دافعة كي لا يبقى ثلاثة أرباع رئيس . فامض أيها الرئيس في حلحلة الأزمة الجزائرية مادامت قوة الشعب المطلقة إلى جانبك والله يرعاك.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية