الكتاب كالنحلة التي تنقل غبار الطلع من زهرة إلى زهرة ومن نبتة إلى نبتة وكذلك الكتاب ينقل المعرفة والأفكار من عقل إلى آخر.
إن تعليم القراءة كان ولا يزال الهاجس الأكبر الذي يؤرق الأهل والقائمين على شوؤن التربية والتعليم. تزخر المكتبات والجامعات بالكثير من النظريات والأبحاث التي تصب الجهود على القراءة وكيف نعلمها أو نتعلمها. ولكن خلاصة هذه الأبحاث في مجالات التعليم والتطور المعرفي تظهر أهمية المهارات التالية عند تعلم أو تعليم القراءة السليمة للأطفال: المهارات الصوتية
مهارات ربط الحروف ببعضها البعض
مهارة التعرف على الكلمة
اكتساب المفردات
مهارات الاستيعاب
مهارة تذوق ومتعة القراءة

كل هذه المهارات مرتبطة ببعضها البعض. فعند تعلم إحداها يجب تعلم الأخريات معها جنبا إلى جنب. فمثلا عندما يتقن الطفل المهارات الصوتية عندئذ يجب أن يتعلم المهارات الخمس الأخرى (ربط الحرف بالكلمة، والتعرف على الكلمة، والمفردات، والاستيعاب، والتذوق) كخطوة تالية لتعلم القراءة السليمة. يتعلم الأطفال القراءة السليمة وبسرعة وطلاقة معقولتين عندما يتعلمون المهارات المذكورة معا في نفس الوقت أي مع بعضها البعض وليس بالتوالي.
يبدأ تعليم هذه المهارات للأطفال في الصف الثالث الابتدائي لإعدادهم للمرحلة المتقدمة المتوقعة في الصف الرابع الابتدائي ألا وهي مرحلة الاتقان الكامل للقراءة السليمة. ففي الصف الرابع ينتقل الطفل إلى مرحلة أخرى أي من مرحلة تعلم القراءة إلى مرحلة القراءة للتعلم. ففي هذه المرحلة ينبغي على الطفل أن يتقن القراءة جيدا وأن تكون قراءته سليمة وأن يقرأ بيسر وطلاقة دون تلعثم أو تقطيع. عندئذ يكون الطفل مستعدا لاستيعاب ما يقرأ من نصوص معقدة كالتي يصادفها في العلوم الاجتماعية ونصوص المطالعة وغيرها.
يتوقع من طلاب الصف الرابع الابتدائي أن يقرأوا قراءة سليمة لأنها تصبح ذات هدف واضح ألا وهوالحصول على المعلومة. فلذا يتوقع منهم أن يظهروا ما يلي:

الفهم الأولي للنص المقروء
القدرة على تفسير وفهم النص المقروء
فهم النص على المستوى الشخصي والاستجابة للنص
اتخاذ موقف نقدي من النص المقروء

وبالإضافة إلى ذلك، من المفروض في هذه المرحلة أن تتنوع المفردات ويجب أن يتخلل القراءة مفردات جديدة غير مألوفة للطفل من قبل أثناء قراءة النصوص المختلفة للإثراء اللغوي.
ومن هنا تصبح القراءة أكثر فنية وفي مواضيع متخصصة كالعلوم والتاريخ والجغرافيا وما إلى ذلك. وهكذا إذا لم يصل الطفل في نهاية الصف الثالث الابتدائي لهذه المرحلة من القراءة السليمة وعلى درجة كبيرة من الاتقان فلن تتكون لديه المهارة الأساسية لاستيعاب نصوص أكثر تعقيدا وتحديا ولن تتكون لديه الحصيلة الكافية من المفردات الأساسية ومهارات تفكيك وتحليل الكلمات التي تتيح له استيعاب وفهم الكلمات المقروءة. وبالنتيجة سيعاني هذا الطفل في المستقبل في أدائه التعليمي والتحصيل الأكاديمي كما أنه سيخسرمتعة تذوق القراءة أيضا. وبالتالي يجب علينا أن نؤسس القراءة على المهارات الأساسية في وقت مبكر ما أمكن ذلك.
أشارت الأبحاث المتعلقة بالتربية التعليم وعلاقتها بالدماغ إلى أن هناك استراتجيات محتملة قد تساعد على التعلم الفعال للمهارات والمفاهيم الجديدة يمكن للمدرس ان يستعين بهذه الاستراتيجيات في تدريس مهارات القراءة السليمة. من هذه الاستراتيجيات:

التكرار للمهارة يساعد على بناء شبكات واتصالات في الدماغ يحتاج إليها في تعلم المهارة الجديدة. فلا بد للطفل أن يتعرض مرارا وتكرارا للمادة أو المهارة التي يتعلمها. وأن يقوم بالتدريب والتمرين اليومي على تلك المهارة. فالقراءة اليومية مثلا تمكن الطفل من القراءة السليمة وتمكنه من فهم المواضيع التي يطرقها كما أنه بلا شك يحرز تقدما سريعا على صعيد السرعة في القراءة وعلى صعيد الاستيعاب لما يقرأ. فالفائدة المرجوة من التكرار في القراءة ليست استثناء. فالدراسات تبين أنه كلما قرأ الطفل أكثر فأكثر تقدم سريعا وزاد فهما واستيعابا لما يقرأ.

التكثيف والتركيز في التمرين والتدريب لأي مهارة جديدة يضيف دعما عصبيا لهذه المهارة في وقت سريع قياسي. فمثلا عندما نقوم بتدريب شخص ما على الجري ليشارك في سباق ما فإننا نركز ونكثف التدريب قدر المستطاع لنضمن مشاركته في السباق. تعلم القراءة ليست استثناء فيجب التركيزالمستمر على المهارات الأساسية الضرورية لتعلم القراءة واتقانها تماما.

التدريب المتعدد في سلسلة من المهارات المتعددة تحفز الطفل على الاستيعاب للمادة أو النص بينما يقوم بالتركيز على مجموعة أو أكثر من المهارات. فكما تتطلب التغذية السليمة والجيدة أنواعا مختلفة من الطعام عند كل وجبة، فالقراءة السليمة أيضا تتطلب من الطفل أن يكون ماهرا في مهارات عديدة معا.

التكيّف هو صفة خاصة بتدريس القراءة المتخصصة بموضوع معين بذاته. ويتعلق بالتدريس الذي يتكيف مع مستوى مهارة الطفل. ففي أثناء التدريس يتابع المعلم عدد الإجابات الصحيحة والخاطئة عندئذ يكيف مستوى التدريس مع مدى استعداد الطفل للانتقال إلى مواد ومهارات أخرى. وهذا الأسلوب المرن يضمن قدرة الطفل على مواجهة التحديات الجديدة دون أن يشعر بالإحباط أو بالفشل وبالتالي يضمن استمرار الانتباه والاستمتاع بعملية التعلم والتعليم.

الدافعية تحافظ على استمرارية الانتباه عند الطفل واستمرار رغبته واهتمامه بالمواد التي يتعلمها وكذلك تحافظ على وتيرة عملية التعلم والتعليم. فالبرامج التعليمية التي تعرض استراتيجيات مختلفة في الدافعية والحوافز التشجيعية تحافظ على اهتمام ورغبة الطفل وبالتالي يتعزز الانتباه والرغبة في عملية التعلم والتعليم.

عليك تسجيل الدخول لتتمكن من كتابة التعليقات.

nashiri logo clear

دار ناشري للنشر الإلكتروني.
عالم وعلم بلا ورق.
تأسست عام 2003.
أول دار نشر ومكتبة إلكترونية غير ربحية مجانية في العالم العربي.

 

اشترك في القائمة البريدية