تعارفْنا على أنّ الماجستير بوّابة للدّكتوراه ومُرتقى لها، وأنّ الأولى رسالة والثّانية أطروحة؛ وكلاهما درجة.
وتعلّمنا أنّ الدّكتوراه لابدّ فيها من طرحٍ جديد، وإضافة مُبتكرة؛ علمية أو عملية، منهجيّة أو تطبيقيّة، على العكس من الماجستير التي لا يُطلب لمُقتحمها إلاّ مجرّد بيان قدراته وكفاءته في استخدام مناهج البحث وسيطرته على طرائقه في الوصول إلى النّتائج من مقدّماتها، والأجوبة من تساؤلات الإشكاليّة وفرضيّاتها.
كم وكم من أطروحات نوقشت، ودكاترة بارزت وبرزت عبر مُدد طويلة وسنوات كثيرة، ولكنّننا ما زلنا نستورد السيّارات !
وإلى حدّ السّاعة لا نقوى على إنتاج سلاح الدفاع وأجهزة العلاج وتجهيزات الطعام!
وطرقنا وجسورنا ومطاراتنا وموانئنا ما زالت إلى اليوم تُبنى بسواعد غيرنا وعقول سوانا، بل وحتّى ملاعبنا!
ولا تسَل عن ميادين النّفس والاجتماع والاقتصاد والسياسة، فلا تزال كما هي منذ عقود وعقود؛ مُلحدة بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى؛ ونحقن أجسام البشر بإبرٍ لأمراض البقر، ونبتغي الشّفاء !
أين أطروحاتنا وابتكاراتنا؟ أهي في أدراج الأرشيف محنّطة أم في سلال المهملات مرميّة؟
بل حتى الاقتصاد الإسلامي دخلته العلّة وهو في الأرحام يُبتلى؛ فكم من ملتقى ومؤتمر يحضره الشرق والغرب لمناقشة تعاليمه ومبادئه، وابتكار منتجاتٍ وِفْقَها، واجتهادات ضِمْنَها، إلاّ ونجد أنفسنا مبهورين أمام اقتراحات الآخرين، من غير المسلمين، ونُسارع إلى اعتماد أفكارهم وإدراج آرائهم في قائمة التّوصيّات الواجب تنفيذها. وشخصيًّا قد حضرتُ بعضها، وعشتُ بعض أيّامها، وانتفضتُ مرّة لورود جملة حول "ظِلال الأزمة" وقُلت أنْ لا ظِلال لها، بل الظِلّ الظَّليل في أصالتنا، والوارفِ من بنات أفكارنا، وليس في أزمتهم إلى الضَّلال والجحيم. ولكن مُغَنية الحيّ لا تُطرِبُ.