تأملت كثيرًا فيمن أصبح رئيسًا ومن أصبح وزيرًا، كما تأملت فيمن أصبح غنيًا أو رجل أعمال وكذلك من أصبح مشهورًا في أي مجال سواء لاعب كرة القدم أو الممثلين أو العلماء، فعرفت أن هناك سرًا جعلهم يبدعون ويحققون أهدافهم، وأما من لم يحقق شيئًا في حياته رغم تمنياته فأدركت أنه لا يدرك السر، فبحثت بشبكة الإنترنت وفي كتب التاريخ عن العظماء لأعرف السر وراء نبوغهم وقدرتهم على تحقيق أهدافهم، فلم أجد أنهم يملكون عقلًاً خارقًا أو أنفًا طويلًا أو أذنيين
مختلفتين، كما أنهم لا يأكلون طعامًا خاصًا ولا شرابًا، كما أنهم لم يتلقوا مساعدات من قوى خفية، وإنما عرفوا السر الذي كان له الدور الأعظم في تغيير مجرى حياتهم، فقد تحدث الذين حققوا ذواتهم عن سر نجاحهم وأيضاً تحدث علماء النفس وخبراء التنمية الذاتية وتنمية الموارد البشرية وكان الإجماع عن حقيقة السر البسيط وهو" قانون الجاذبية" والذي يشترط بالإنسان أن يتبع ثلاث شروط لتحقيق هدفه مهما كانت صعبًا أو بعيد المنال وهو أن يطلب الإنسان ما يريد والثانية أن يسعي الإنسان لما يريد والثالثة أن يحصل الإنسان على ما يريد.
في حقيقة الأمر أن تلك الشروط في ظاهرها بسيطة ولكنها سهلة ممتنعة بمعنى أن كل إنسان يجب أن يحدد هدفه بوضوح تام والهدف المراد تحقيقه يجب أن يكون واضحا ومحددا ويمكن قياسه مثل: أريد أن أكون رجل أعمال ناجح خلال خمس سنوات ومثال آخر: أريد أن أمتلك سيارة من نوع كايا خلال سنتين. ومثال آخر: أريد أن أصبح صاحب مصنع بلاستيك خلال سبع سنوات، ومثال آخر: أريد أن أصبح صحفيًا مشهورًا، أهداف واضحة ومحددة ويمكن تحقيقها، والشرط الثاني هي أن يسعى الإنسان لما يريد وهنا نقصد العمل بجد ومثابرة وصبر للوصول لتحقيق الهدف ولا يمكن أن يتحقق الهدف بدون عمل دؤوب ولابد من تذليل أي عقبة تقف في وجه الإنسان وعدم الاستسلام لأي معوقات وإدراك أن الأهداف الكبيرة تواجهها صعوبات أكبر منها، ولمواجهة الصعوبات وتذليلها يحتاج الإنسان للصبر والتحمل وعدم اليأس والمحاولات المتكررة دون كلل أو ملل، كما تحتاج لبعض المرونة في التعامل مع الآخرين، وأما الشرط الثالث وهو الحصول على ما يريد الإنسان فهذا يحتاج إلى الجرأة والشجاعة والتميز وعدم التردد في اقتناص الفرص وأن يكون لدى الشخص قناعة بأنه قادر على تحمل المسؤولية والقيام بها والتضحية بالوقت والجهد والراحة، فلا يتكاسل أو ينام ويقدم أفضل ما يمكن تقديمه والحفاظ على المنجزات أصعب من الحصول عليها، ومن الضروري لكل إنسان يطمح بالعلو في جانب ما أن يعرف بأنه كلما حدد هدفه مبكرًا كلما وصل بشكل أسرع وأن الأهداف الكبرى يسعى لتحقيقها أشخاص كثر، ولكن من الذي سيسبق منهم؟ بالطبع هو الأكثر قدرة على تحديد وتحقيق والحصول على الهدف، كما أنه من خلال ما مر في كتاب مايكل هارت وهو أحد علماء الفضاء الأمريكيين وكان قد خط كتابًا بعنوان (العظماء مئة أعظمهم محمد رسول الله) حيث أنني لاحظت تسعون بالمئة منهم عاشوا طفولة بدون أب، أي أنهم أيتام وهذا دليل من حياة العظماء نكتشف منه شيئًا هامًا وهو أن معظمهم عاش طفولة صعبة وقاهرة وعلى سبيل المثال على أن هؤلاء العظماء اعتمدوا على أنفسهم مبكرًا مما أصقلهم وأكسبهم قدرات وخبرات ضرورية لبناء شخصياتهم، كما أن من أهم الاستنتاجات في سيرة العظماء أنهم لم يكونوا كاملي الأوصاف وإنما كانت لديهم مشكلات في جوانب محددة بحياتهم، بل أن بعضهم كانت لهم هفوات كبيرة وعلى سبيل المثال أنشتاين لم يستطع حل مشكلة قطة كانت لديه بالمختبر فقد خرق في جدار المختبر فتحة لتدخل وتخرج منها بدلاً من فتح الباب لها ولما ولدت أربع قطط خرق في جدار المختبر أربع فتحات لكل قطة فتحة مع أن فتحة واحدة تكفي الأربع قطط، كذلك نيوتن كان قد رسب في المدرسة، وعباس العقاد مثلا لم يكمل التعليم الإبتدائي، ونابليون بونابرت كانت لديه مشكلة نفسية من قصر قامته، وحتى صلاح الدين رغم نجاحه في تحرير القدس سنة 1187م إلا أن أولاده ضيعوا جهده وحتى أبناء قومه الأكراد يعانون حتى اليوم جراء عدم وجود دولة آمنة لهم رغم أن عددهم يفوق الثلاثين مليون نسمة، ومما ذكرنا ننوه أن العبقرية ليست شرطًا لتحقيق الأهداف وإنما الشروط هي الطلب والسعي والحصول، فليبدأ الجميع بفهم قانون الجاذبية والعمل به لتحقيق الأهداف ونرجو من الله أن تكون الأهداف المرجوة نبيلة وشرعية.
التدقيق اللغوي: لجين قطب